للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

راجعون. (١)

- قال السلمي: وحكي عنه -أي الحلاج- أنه رئي واقفا في الموقف والناس في الدعاء، وهو يقول: أنزهك عما قرفك به عبادك، وأبرأ إليك مما وحدك به الموحدون.

قال الذهبي عقبه: هذا عين الزندقة، فإنه تبرأ مما وحد الله به الموحدون الذين هم الصحابة والتابعون وسائر الأمة، فهل وحدوه تعالى إلا بكلمة الإخلاص التي قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «من قالها من قلبه فقد حرم ماله ودمه» (٢) وهي: شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله. فإذا برئ الصوفي منها، فهو ملعون زنديق، وهو صوفي الزي والظاهر، متستر بالنسب إلى العارفين، وفي الباطن فهو من صوفية الفلاسفة أعداء الرسل، كما كان جماعة في أيام النبي - صلى الله عليه وسلم - منتسبون إلى صحبته وإلى ملته، وهم في الباطن من مردة المنافقين، قد لا يعرفهم نبي الله - صلى الله عليه وسلم -، ولا يعلم بهم. قال الله تعالى: {وَمِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ مَرَدُوا عَلَى النِّفَاقِ لَا تَعْلَمُهُمْ نَحْنُ نَعْلَمُهُمْ سَنُعَذِّبُهُمْ مَرَّتَيْنِ} (٣) فإذا جاز على سيد البشر أن لا يعلم ببعض المنافقين وهم معه في المدينة سنوات، فبالأولى أن يخفى حال جماعة من المنافقين الفارغين عن دين الإسلام بعده عليه السلام على العلماء من أمته، فما ينبغي لك يا فقيه أن


(١) السير (١٢/ ٥٤٢).
(٢) رواه مسلم (١/ ٥٣/٢٣) من حديث طارق بن أشيم رضي الله عنه.
(٣) التوبة الآية (١٠١).

<<  <  ج: ص:  >  >>