للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

منهم بهذا. فقولنا: قديم: من العبارات المحدثة المبتدعة. كما أن قولنا: هو محدث بدعة. وأما البخاري فكان من كبار الأئمة الأذكياء، فقال: ما قلت: ألفاظنا بالقرآن مخلوقة، وإنما حركاتهم، وأصواتهم وأفعالهم مخلوقة، والقرآن المسموع المتلو الملفوظ المكتوب في المصاحف كلام الله غير مخلوق.

وصنف في ذلك كتاب 'أفعال العباد' مجلد، فأنكر عليه طائفة، وما فهموا مرامه كالذهلي، وأبي زرعة، وأبي حاتم، وأبي بكر الأعين، وغيرهم. ثم ظهر بعد ذلك مقالة الكلابية، والأشعرية، وقالوا: القرآن معنى قائم بالنفس، وإنما هذا المنزل حكايته وعبارته ودال عليه. وقالوا: هذا المتلو معدود متعاقب، وكلام الله تعالى لا يجوز عليه التعاقب، ولا التعدد. بل هو شيء واحد قائم بالذات المقدسة، واتسع المقال في ذلك، ولزم منه أمور وألوان، تركها -والله- من حسن الإيمان وبالله نتأيد. (١)

-وقال في السير: قال عبد الله بن أحمد: فترحم عليه أبي -أي أبو بكر الأعين-، وقال: إني لأغبطه، مات وما يعرف إلا الحديث، لم يكن صاحب كلام.

قلت: هكذا كان أئمة السلف، لا يرون الدخول في الكلام، ولا الجدال. بل يستفرغون وسعهم في الكتاب والسنة، والتفقه فيهما، ويتبعون ولا يتنطعون. (٢)

- أخبرنا الإمام أبو الحسين علي بن محمد، أخبرنا جعفر بن علي،


(١) السير (١١/ ٥١٠ - ٥١١).
(٢) السير (١٢/ ١٢٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>