للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نُوَلِّي بَعْضَ الظَّالِمِينَ بَعْضًا بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ (١٢٩)} (١) فإذا أراد الرعية أن يتخلصوا من ظلم الأمير الظالم، فليتركوا الظلم. (٢)

[موقفه من المرجئة:]

قال رحمه الله: اختلف الناس فيما يقع عليه اسم الإيمان اختلافاً كثيراً، فذهب مالك والشافعي وأحمد والأوزاعي وإسحق بن راهويه وسائر أهل الحديث وأهل المدينة رحمهم الله وأهل الظاهر وجماعة من المتكلمين: إلى أنه تصديق بالجنان، وإقرار باللسان، وعمل بالأركان. وذهب كثير من أصحابنا إلى ما ذكره الطحاوي رحمه الله: أنه الإقرار باللسان، والتصديق بالجنان. ومنهم من يقول: إن الإقرار باللسان ركن زائد ليس بأصلي، وإلى هذا ذهب أبو منصور الماتريدي رحمه الله، ويروى عن أبي حنيفة رضي الله عنه. وذهب الكرّامية إلى أن الإيمان هو الإقرار باللسان فقط، فالمنافقون عندهم مؤمنون كاملو الإيمان، ولكنهم يقولون بأنهم يستحقون الوعيد الذي أوعدهم الله به! وقولهم ظاهر الفساد. وذهب الجهم بن صفوان وأبو الحسن الصالحي أحدُ رؤساء القدرية - إلى أن الإيمان هو المعرفة بالقلب! وهذا القول أظهر فساداً مما قبله! فإن لازمه أن فرعون وقومه كانوا مؤمنين، فإنهم عرفوا صدق موسى وهارون عليهما الصلاة والسلام، ولم يؤمنوا بهما، ولهذا قال موسى لفرعون: {قَالَ لَقَدْ عَلِمْتَ مَا أَنْزَلَ هَؤُلَاءِ إِلَّا رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ


(١) الأنعام الآية (١٢٩).
(٢) المصدر نفسه (ص.٣٨١).

<<  <  ج: ص:  >  >>