للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومن ذلك جمع المصحف في كتاب واحد، توقف فيه زيد بن ثابت، وقال لأبي بكر وعمر: كيف تفعلان ما لم يفعله النبي - صلى الله عليه وسلم -؟ ثم علم أنه مصلحة، فوافق على جمعه، وقد كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يأمر بكتابة الوحي (١)، ولا فرق بين أن يكتب مفرقا أو مجموعا، بل جمعه صار أصلح.

وكذلك جمع عثمان الأمة على مصحف واحد وإعدامه لما خالفه خشية تفرق الأمة، وقد استحسنه علي وأكثر الصحابة، وكان ذلك عين المصلحة. (٢)

[موقفه من الصوفية:]

له كتاب: 'نزهة الأسماع في مسألة السماع'. ومما جاء فيه: أن يقع استماع الغناء بآلات اللهو أو بدونها على وجه التقرب إلى الله تعالى وتحريك القلوب إلى محبته، والأنس به والشوق إلى لقائه، وهذا هو الذي يدعيه كثير من أهل السلوك ومن يتشبه بهم ممن ليس منهم، وإنما يستتر بهم ويتوصل بذلك إلى بلوغ غرض نفسه من نيل لذته، فهذا المتشبه بهم مخادع ملبس،


(١) أخرجه: أحمد (٢/ ١٦٢،١٩٢) وأبو داود (٤/ ٦٠ - ٦١/ ٣٦٤٦) والحاكم (١/ ١٠٥ - ١٠٦) وقال: "رواة هذا الحديث قد احتجا بهم عن آخرهم غير الوليد هذا، وأظنه الوليد بن أبي الوليد الشامي، فإنه الوليد بن عبد الله. وقد علمت على أبيه الكتبة. فإن كان كذلك فقد احتج مسلم به وقد صحت الرواية عن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب أنه قال: قيدوا العلم بالكتاب" ووافقه الذهبي. وقال العراقي كما في تخريج الإحياء (٤/ ١٨٠٤/٢٨٥٧): "رواه أبو داود بنحوه بإسناد صحيح". وقال الحافظ في الفتح: (١/ ٢٧٦ - ٢٧٧): بعد عزوه لأحمد وأبي داود: "ولهذا طرق أخرى عن عبد الله بن عمرو يقوي بعضها بعضا" كلهم من طريق الوليد بن عبد الله عن يوسف بن ماهك عن عبد الله بن عمرو قال: كنت أكتب كل شيء أسمعه من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أريد حفظه ... الحديث وفيه: «اكتب فوالذي نفسي بيده ما يخرج منه إلا حق» وفي الباب أحاديث في كتابة الوحي غير هذا.
(٢) جامع العلوم والحكم (٢/ ١٢٨ - ١٢٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>