للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أصلوها فهو مبتدع ولو لم يفهمها ولم يعرف مأخذها؛ وهذا هو محض التقليد، فآل أمرهم إلى تكفير من قلد الرسول عليه الصلاة والسلام في معرفة الله تعالى، والقول بإيمان من قلدهم. وكفى بهذا ضلالا وما مثلهم إلا كما قال بعض السلف: إنهم كمثل قوم كانوا سفرا فوقعوا في فلاة ليس فيها ما يقوم به البدن من المأكول والمشروب ورأوا فيها طرقا شتى فانقسموا قسمين: فقسم وجدوا من قال لهم أنا عارف بهذه الطرق وطريق النجاة منها واحدة فاتبعوني فيها تنجوا فتبعوه فنجوا، وتخلفت عنه طائفة فأقاموا إلى أن وقفوا على أمارة ظهر لهم أن في العمل بها النجاة فعملوا بها فنجوا، وقسم هجموا بغير مرشد ولا أمارة فهلكوا، فليست نجاة من اتبع المرشد بدون نجاة من أخذ بالأمارة إن لم تكن أولى منها. (١)

- وفيه: واحتج المعتزلي بأن السمع ينشأ عن وصول الهواء المسموع إلى العصب المفروش في أصل الصماخ والله منزه عن الجوارح، وأجيب بأنها عادة أجراها الله تعالى فيمن يكون حيا فيخلقه الله عند وصول الهواء إلى المحل المذكور، والله سبحانه وتعالى يسمع المسموعات بدون الوسائط وكذا يرى المرئيات بدون المقابلة وخروج الشعاع، فذات الباري مع كونه حيا موجودا لا تشبه الذوات، فكذلك صفات ذاته لا تشبه الصفات. (٢)

- وفيه: وبأن أصل ما ذكروه -أي أهل الكلام- قياس الغائب على الشاهد وهو أصل كل خبط، والصواب الإمساك عن أمثال هذه المباحث


(١) الفتح (١٣/ ٣٥٤).
(٢) الفتح (١٣/ ٣٧٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>