للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الضلال، عن البناء على القبور، وتشريفها، وتجصيصها، والكتابة عليها (١)، وجعلها مساجد (٢)، وما جاء عنه من النهي عن اتخاذ قبره عيدا (٣) بأضدادها، فبنوا وشرفوا وجصصوا، وكتبوا، وجعلوها أعيادا ومساجد، كأنه - صلى الله عليه وسلم - أغراهم بذلك الأمر الأسوإ، بل لو كانوا مأمورين بذلك لما حفظوه ورعوه، كما هم الآن، بشهادة المناهي في هذه المسألة، إذ أضيعت، وشهادة غيرها في غير هذا الباب، مما لا يحتاج إلى شرح.

وليتهم اقتصروا على هذه المخالفات، بل جاوزوا مما ينسيها إلى أضعاف مضاعفات، واقتدت العامة بمن تخيلوا عنده علما، وهو في الواقع منهم لا يملك رأيا ولا عقلا للحقائق ولا فهما، فهو معهم غارق في باطل لغوهم، حريص على شهود مجالس إفكهم، وإثمهم ولهوهم، لا يهدي ولا يهتدي، ولا تراه في طلب العلم صدقا يروح ولا يغتدي.

حتى أنا وجدنا في أفعالهم لدى هذه المشاهد ما كان صنيع الجاهلية عند بيوت الأوثان، وزيادة غلو على من ضاد الله ورسوله باتخاذ إلاه ثان. فإنا


(١) وردت أحاديث كثيرة في هذه المسألة منها حديث جابر رضي الله عنه: "نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يجصص القبر وأن يقعد عليه، وأن يبنى عليه، أو يزاد عليه، أو يكتب عليه".
أخرجه: أحمد (٣/ ٣٣٢) ومسلم (٢/ ٦٦٧/٩٧٠) وأبو داود (٣/ ٥٥٢/٣٢٢٦) والترمذي (٣/ ٣٦٨ - ٣٦٩/ ١٠٥٢) والنسائي (٤/ ٣٩٢/٢٠٢٦) وابن ماجه (١/ ٤٩٨/١٥٦٢) بعضهم مطولا وبعضهم مختصرا.
(٢) انظر تخريجه في مواقف ابن تيمية رحمه الله سنة (٧٢٨هـ).
(٣) وردت أحاديث كثيرة بهذا المعنى عن جمع من الصحابة، منها: حديث أبي هريرة: «لا تجعلوا بيوتكم قبورا، ولا تجعلوا قبري عيدا، وصلوا علي فإن صلاتكم تبلغني حيث كنتم». أخرجه: أحمد (٢/ ٣٦٧) وأبو داود (٢/ ٥٣٤/٢٠٤٢). وقال ابن عبد الهادي في الصارم المنكي (١١١): "وهذا حديث حسن ورواته ثقات مشاهير، لكن عبد الله بن نافع الصائغ فيه لين لا يمنع الاحتجاج به". وحسن إسناده الألباني، وله شاهد من حديث علي بن أبي طالب. انظر تحذير الساجد (١٤٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>