للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الله تعالى على أن المشيئة والإرادة تساوي الأمر، وتستلزم الرضى، كما زعمت المعتزلة، فيكون حاصل كلامهم أن ما نرتكبه من الشرك والتحريم وغيرهما تعلقت به مشيئته سبحانه وإرادته، فهو مشروع ومرضي عند الله تعالى.

وبعد أن حكى سبحانه وتعالى ذلك عنهم، رد عليهم بقوله عز من قائل: {كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ}، وهم أسلافهم المشركون.

وحاصله: أن كلامهم يتضمن تكذيب الرسل عليهم السلام، وقد دلت المعجزة على صدقهم. أو نقول: حاصله: أن ما شاء الله يجب، وما لم يشأ يمتنع، وكل ما هذا شأنه فلا تكليف به، لكونه مشروطا بالاستطاعة، فينتج: أن ما ارتكبه من الشرك وغيره، لم يتكلف بتركه، ولم يبعث له نبي، فرد الله تعالى عليهم بأن هذه كلمة صدق أريد بها باطل، لأنهم أرادوا بها أن الرسل عليهم السلام في دعواهم البعثة والتكليف كاذبون، وقد ثبت صدقهم بالدلائل القطعية، ولكونه صدقا أريد به باطل، ذمهم الله تعالى بالتكذيب.

ووجوب وقوع متعلق المشيئة لا ينافي صدق دعوى البعثة والتكليف، لأنهما لإظهار المحجة وإبلاغ الحجة.

حتى {ذَاقُوا بَأْسَنَا}، أي: نالوا عذابنا الذي أنزلناه عليهم بتكذيبهم، وفيه إيماء إلى أن لهم عذابا مدخرا عند الله تعالى، لأن الذوق أول إدراك الشيء.

{قُلْ هَلْ عِنْدَكُمْ مِنْ عِلْمٍ فَتُخْرِجُوهُ لَنَا}، أي: هل لكم من علم بأن الإشراك وسائر ما أنتم عليه مرضي لله تعالى فتظهروه لنا بالبرهان؟

<<  <  ج: ص:  >  >>