للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اتباع غير سبيل المؤمنين فقال تعالى: {وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ} (١)

فذكر تعالى أن له سبيلا واحدا سماها صراطا مستقيما، لأنها أقرب طريق إلى الحق والخير والسلام، وأن هناك سبلا متعددة يتفرق متبعوها عن ذلك الصراط وهي طرق الشيطان، وحث سبحانه على اتباع سبيله الذي هو الكتاب والسنة حثا مقرونا بالنهي عن اتباع السبل، مبينا أن ذلك سبب للتفرق، ولذا ترى المسلمين العاملين قد لزموا سبيلا واحدا أمروا بسلوكه، وأما أهل البدع والأهواء فقد افترقوا في سبلهم على حسب معتقداتهم الفاسدة وآرائهم الكاسدة: {كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ (٣٢)} (٢)، وقد روى أحمد وجماعة عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: خط رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خطا ثم قال: «هذا سبيل الله»، ثم خط خطوطا عن يمينه وخطوطا عن يساره، وقال: «هذه السبل المتفرقة وعلى كل سبيل منها شيطان يدعو» ثم قرأ هذه الآية، حتى بلغ {تتقون} (٣). السبل المتفرقة هي البدع، والشيطان هو شيطان الإنس وهو المبتدع.

وقال تعالى: {فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ} (٤)، قال العلماء: معناه إلى الكتاب والسنة، فأمر سبحانه برد الأمر حالة النزاع إلى


(١) الأنعام الآية (١٥٣) ..
(٢) الروم الآية (٣٢).
(٣) تقدم تخريجه في مواقف الإمام مالك سنة (١٧٩هـ).
(٤) النساء الآية (٥٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>