للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لأنه يدفع أمر الله ورسوله، ويعتذر به عن معاصيه لله، وذلك من أكبر الظلم والجهل، والضلال.

وكذلك احتجاج العبد بعد وقوع ما يكره بأن يقول: لو أني فعلت كذا، كان كذا وكذا، فإنه تقول على الله، وتكذيب لقدره الواقع لا محالة. وأما الاحتجاج بالقدر على وجه الإيمان به، والتوحيد لله، والتوكل عليه، والنظر إلى سبق قضائه وقدره، فهو محمود مأمور به، وكذلك الاحتجاج به على نعم الله الدينية والدنيوية، فإنه يوجب للعبد شهود منة الله عليه، بسبق قدره وإحسانه.

وكذلك إذا فعل العبد ما يقدر عليه من الأسباب النافعة في دينه ودنياه، ثم لم يحصل له مراده بعد اجتهاده، فإنه إذا اطمأن في هذه الحال إلى قضاء الله وقدره، كان محمودا نافعا للعبد، مريحا لقلبه، كما قال - صلى الله عليه وسلم -: «وإذا غلبك أمر فقل: قدر الله، وما شاء فعل» (١).

وكذلك إذا احتج به، بعد التوبة من الذنب، ومغفرة الله له، على وجه الإيمان به، كان حسنا، كما حج آدم موسى عليهما الصلاة والسلام.

وكذلك ينفع النظر إلى القضاء والقدر، ليبعث العبد على الجد والاجتهاد في الأعمال النافعة الدينية والدنيوية. فإنه إذا علم أن الله قدر الوصول إلى المطالب والمقاصد بالأسباب المأمور بها، جد واجتهد، عكس ما


(١) أخرجه بهذا اللفظ من حديث أبي هريرة: أحمد (٢/ ٣٦٦،٣٧٠) والنسائي في الكبرى (٦/ ١٥٩/١٠٤٥٧) وابن ماجه (٢/ ١٣٩٥/٤١٦٨). وأصله عند مسلم (٤/ ٢٠٥٢/٢٦٦٤) بلفظ: «وإن أصابك شيء فلا تقل لو أني فعلت كان كذا وكذا، ولكن قل قدر الله ... ». وابن ماجه (١/ ٣١/٧٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>