للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يظنه كثير من الغالطين أن إثبات القدر يثبط، بل ينشط العاملين أبلغ مما لو كان الأمر لم يقدر له غاية. وكذلك ينفع النظر إلى القدر عند وجود المخاوف المزعجة، فإنه من علم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، وما أخطأه لم يكن ليصيبه، اطمأن قلبه، وسكنت نفسه، ولم ينزعج للأسباب المخوفة، بل يتلقاها بسكينة وطمأنينة، ويقوم بما أمر بالقيام به عندها.

وكذلك نفعه في المصائب وحلول المحن عظيم، فإنه من يؤمن بالله يهد قلبه. فإذا أصيب بمصيبة يعلم أنها من عند الله رضي وسلم لأمر الله وحكمه، واحتسب أجره لله وثوابه.

فهذا التفصيل في مسألة النظر إلى القضاء والقدر، والاحتجاج به، يأتي على جميع الأحوال، ويتبين أن منه ما هو محمود، ومنه ما هو مذموم. والله أعلم. (١)

- وفيها: المسألة السادسة: الإيمان بالقدر: يتفق مع الأسباب.

مباشرة الأسباب، والاجتهاد في الأعمال النافعة، تحقق للعبد تمام الإيمان بالقضاء والقدر. فإن الله قدر المقادير بأسبابها وطرقها، وتلك الأسباب والطرق هي محل حكمة الله، فإن الحكمة: وضع الأشياء مواضعها، وتنزيل الأمور منازلها اللائقة بها ... فقضاء الله وقدره وحكمته، متفقات، كل واحد منها يمد الآخر ولا يناقضه. وقد أشار النبي - صلى الله عليه وسلم - حين سئل وقيل له: يا رسول الله، أرأيت رقى نسترقيها، وأدوية نتداوى بها، وتقاة نتقيها، هل ترد من


(١) الفتاوى السعدية (٦٤ - ٦٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>