للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لا أردي، ما وجدنا في كتاب الله اتّبعناه» (١).

وقال الشافعي أيضاً: (فيما وصفتُ من فرض الله على الناس اتّباع أمر رسول الله دليل على أن سنة رسول الله إنما قُبِلت عن الله، فمن اتّبعها فبكتاب الله تبعها، ولا نجد خبراً ألزمه الله خلقه نصّاً بيّناً إلا كتابه ثم سنة نبيه، فإذا كانت السنة كما وصفتُ، لا شبه لها من قول خلقٍ من خلق الله، لم يجز أن ينسخها إلا مثلُها، ولا مثل لها غير سنة رسول الله، لأن الله لم يجعل لآدميّ بعده ما جعل له، بل فرض على خلقه اتباعه، فألزمهم أمره، فالخلق كلهم له تَبَع، ولا يكون للتابع أن يخالف ما فُرض عليه اتّباعُه، ومن وجب عليه اتباع سنة رسول الله لم يكن له خلافُها، ولم يقم مقام أن ينسخ شيئاً منها).

فلا عذر لأحد يعلم حديثاً صحيحاً أن يُخالفه، لا تقليداً ولا اجتهاداً، ولا استحساناً ولا استنباطاً، كما قال الشافعيّ -وهو ناصر الحديث حقّاً-: (لا يجوز لأحد علمه من المسلمين -عندي- أن يتركه إلا ناسياً أو ساهياً). وكما قال أيضاً: (وأما أن نخالف حديثاً عن رسول الله ثابتاً عنه-: فأرجو أن لا يؤخذ ذلك علينا إن شاء الله. وليس ذلك لأحد، ولكن قد يجهل الرجل السنة فيكون له قولٌ يخالفها، لا أنه عَمَد خلافَها، وقد يغفل المرء ويخطئ في التأويل. (٢)

- قال: ولقد عُنيتُ بهذا الأمر كما عُني -يعني بعلوم الحديث-،


(١) تقدم تخريجه ضمن مواقف القاضي عياض سنة (٥٤٤هـ).
(٢) شرح سنن الترمذي (١/ ٦٧ - ٧٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>