للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فكانت تلك القواعد التي ارتضوها للتوثّق من صحة الأخبار أحكم القواعد وأدقّها، ولو ذهب الباحث المتثبت يُطبّقها في كل مسألة لا إثبات لها إلا صحة النقل فقط: لآتته ثمرتها الناضجة، ووضعت يده على الخبر اليقين.

وعلى ضوء هذه القواعد سار علماؤنا المتقدمون في إثبات مفردات اللغة وشواهدها، وفي تحقيق الوقائع التاريخية الخطيرة، ولن تجد من ذلك شيئاً ضعيفاً أو باطلاً إلا ما أبطلته قواعد المحدِّثين، وإلا فيما لم ينل العناية بتطبيقها عليه. (١)

- قال في كتابه 'الكتاب والسنة يجب أن يكونا مصدر القوانين': إن الله أرسل محمداً هادياً وبشيراً ونذيراً، وحاكماً بين الناس بما أنزله عليه. أرسله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله، ودعا الناس إلى طاعته في جميع أمورهم، في دينهم ودنياهم، عباداتهم ومعاملتهم. وأنزل عليه شريعة كاملة، لم تَسْمُ إليها شريعة من الشرائع قبلها، ولن يأتي أحد من بعده بخير منها ولا بمثلها. ذلك بأن الله خلق الخلق وهو أعلم بهم، وذلك بأن محمداً خاتم النبيين.

شرع الله هذه الشريعة الكاملة للناس كافة، وفي كل زمان ومكان، بعموم بعثة الرسول الأمين، وبختم النبوة والرسالة به. فكانت الباقية على الدهر، ونسخت جميع الشرائع. ولم تكن خاصة بأمة دون أمة، ولا بعصر دون عصر. ولذلك كانت العبادات مفصّلة بجزئيّاتها، لأن العبادة لا تتغير باختلاف الدهور والعصور. وكان ما سواها من شؤون الفرد والمجتمع، في


(١) شرح سنن الترمذي (١/ ٧٠ - ٧٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>