للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والجمل. واصطلح الفقهاء وغيرهم على معنى آخر للتأويل هو: تفسير الآية أو الحديث بمعنى غير ما يفهم من ظاهر اللفظ. ولذلك يقول العلماء كثيرا في عباراتهم مثلا: إن هذا الحديث أو هذه الآية من الصريح الذي لا يحتمل التأويل، أي: لا يحتمل معنى آخر يخرجه عن المراد الظاهر من لفظه، فالمعنى الظاهر لا يخرج عن المفسر والمؤول إلا بدليل أو قرينة، لأنه يكون شبيها بالمعنى المجازي. وقد ورد لفظ التأويل في آيات من القرآن على المعنى اللغوي الأصلي، ولكن بعض العلماء والمفسرين ظنها مما يدخل في التأويل الاصطلاحي، فنشأ عن ذلك اختلاف واضطراب في آرائهم، والحق أن ذلك على المعنى اللغوي الواضح. ففي لسان العرب: "وأما قول الله عز وجل: {هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا تَأْوِيلَهُ يَوْمَ يَأْتِي تَأْوِيلُهُ} (١) فقال أبو إسحاق: معناه، هل ينظرون إلا ما يؤول إليه أمرهم من البعث. قال: وهذا التأويل هو قوله تعالى: {وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ} (٢) أي: لا يعلم متى يكون أمر البعث وما يؤول إليه الأمر عند قيام الساعة إلا الله، والراسخون في العلم يقولون: آمنا به أي: آمنا بالبعث. والله أعلم، قال ابن منظور: وهذا حسن (٣).

وأقول: بل هو الصواب الذي لا يفهم من القرآن غيره، ثم دخل على المسلمين ناس اتبعوا المتشابه في مثل هذا، وأكثروا من القول في القرآن بغير علم، حتى ادعوا أن له ظاهرا وباطنا، وأن الباطن لا يعلمه هؤلاء إلا بشيء يزعمونه نحو:


(١) الأعراف الآية (٥٣).
(٢) آل عمران الآية (٧).
(٣) لسان العرب (١٣/ ٢٥) ..

<<  <  ج: ص:  >  >>