للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

على أن هذه المذاهب أضيف إليها كثير من أفهام القرون المتأخرة، وفيها كثير من الغلط، والمسائل الافتراضية التي لو رآها أحد من الأئمة الذين نسبت إلى مذاهبهم لتبرؤوا منها وممن قالها. وكل واحد ممن يحفظ عنه العلم والدين من أئمة السلف قد تمسك بظاهر الكتاب والسنة، ورغب الناس في التمسك والعمل بهما، كما ثبت عن الإمام أبي حنيفة، وكذا مالك، والشافعي، وأحمد، والسفيانين (١): الثوري وابن عيينة، والحسن البصري، وأبي (٢) يوسف يعقوب القاضي، ومحمد بن الحسن الشيباني، وعبد الرحمن الأوزاعي، وعبد الله بن المبارك، والإمام البخاري، ومسلم، وغيرهم رحمهم الله تعالى، وكل واحد منهم يحذر من البدعة في الدين، ومن التقليد لغير المعصوم؛ والمعصوم إنما هو رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وأما غيره فأياً كان فغير معصوم، فيقبل من قوله ما وافق الكتاب والسنة، وينبذ ما خالفهما أيا كان، كما قال الإمام مالك رحمه الله تعالى: "كل الناس يؤخذ منه ويؤخذ عليه إلا صاحب هذا القبر، وأشار إلى قبر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ".

وعلى هذا سلك المحققون من الأئمة الأربعة وغيرهم، وكل واحد منهم يحذر من التقليد الجامد، لأن الله تعالى قد ذم في غير موضع من كتابه المقلدين الجامدين، وما كفر غالب من كفر من الأولين والآخرين إلا بالتقليد للأحبار والرهبان، والمشايخ والآباء. وقد ثبت عن الإمام أبي حنيفة ومالك والشافعي وأحمد وغيرهم رحمهم الله تعالى أنهم قالوا: "لا يحل لأحد أن يفتي بكلامنا، أو يأخذ بقولنا ما لم يعرف من أين


(١) في الأصل: السفيانان.
(٢) في الأصل: وأبو.

<<  <  ج: ص:  >  >>