للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

«الذين على ما أنا عليه وأصحابي» (١).

المتأخرون غيروا وبدلوا حتى الزموا تقليد واحد فتفرقوا.

والله العظيم، إن المسلمين حينما كانوا مسلمين كاملين، وصادقين في إسلامهم، كانوا منصورين وفاتحين البلاد، ورافعين أعلامهم الدين (٢)، كالخلفاء الراشدين والتابعين لهم بإحسان رضي الله عنهم، ولكن لما غير المسلمون أوامر رب العالمين، جازاهم الله تعالى بتغيير النعمة عليهم، وسلب عنهم الدولة وأزال عنهم الخلافة، كما تشهد به آيات كثيرة. فمن جملة ما غيروا: التمذهب بالمذاهب الخاصة، والتعصب لها ولو بالباطل، وهذه المذاهب أمور مبتدعة حدثت بعد القرون الثلاثة، وهذا لا شك فيه ولا شبهة، وكل بدعة تعتقد دينا وثوابا فهي ضلالة، والسلف الصالحون كانوا يتمسكون بالكتاب والسنة وما دلاّ عليه، وما أجمعت عليه الأمة، وكانوا مسلمين رحمهم الله تعالى، ورضي عنهم وأرضاهم وجعلنا منهم، وحشرنا معهم في زمرتهم؛ ولكن لما شاعت بدعة المذاهب نشأ عنها افتراق الكلمة، وتضليل البعض البعض، حتى أفتوا بعدم جواز اقتداء الحنفي وراء الإمام الشافعي مثلا، وإن تقولوا بأن أهل المذاهب الأربعة هم أهل السنة، ولكن أعمالهم تكذبهم وتعارض قولهم وتبطله، فحدثت من هذه البدع هذه المقامات الأربعة في المسجد الحرام، فتعددت الجماعة، وانتظر كل متمذهب جماعة مذهبه، فبأمثال هذه البدع حصّل إبليس مقصدا من مقاصده، ألا وهو


(١) تقدم تخريجه في مواقف الآجري سنة (٣٦٠هـ).
(٢) كذا بالأصل، ولعل الصواب (رافعين أعلام الدين).

<<  <  ج: ص:  >  >>