للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فليسعنا ما وسعهم؛ فإنهم هداتنا وقدوتنا، وقد رضيناهم حجة بيننا وبين الله تعالى، وقلدناهم فيما دون هذا وهو الفروع الفقهية العملية فكيف لا نقلدهم في معتقدنا هذا. وقد رأيت للعلامة السفاريني في شرح عقيدته كلاما نفيسا في صفة الفوقية والعلو للعلي الأعلى التي يقول بها أهل الحديث، ومنه يتبين تنزيههم عن القول بالجهة والتجسيم، فلنسقه هنا تتميما للفائدة وشرحا لمعتقدهم الطاهر .. (١)

- وقال رحمه الله: ذكر أهل التاريخ أن أهل المغرب كانوا في الأصول والمعتقدات بعد أن طهرهم الله تعالى من نزغة الخارجية أولا والرافضية ثانيا على مذهب أهل السنة، مقلدين للصحابة ومن اقتفى أثرهم من السلف الصالح وأهل القرون الثلاثة الفاضلة؛ في الإيمان بالمتشابه وعدم التعرض له بالتأويل، مع اعتقاد التنزيه، كما جرى عليه الإمام ابن أبي زيد القيرواني في عقيدته، واستمر الحال على ذلك إلى أن ظهر محمد بن تومرت الملقب نفسه بالإمام المعصوم أو مهدي الموحدين، وذلك في صدر المائة السادسة، فرحل إلى المشرق، وأخذ عن علمائه مذهب المتأخرين من أصحاب الإمام أبي الحسن الأشعري من الجزم بعقيدة السلف مع تأويل المتشابه من كلام الله تعالى وكلام رسوله - صلى الله عليه وسلم -، وتخريجه على ما عرف في كلام العرب من فنون مجازاتها وضروب بلاغتها، ومزج ذلك بما كان ينتحله من عقائد الخوارج والشيعة والفلاسفة، حسبما يعلم ذلك أولا بمعرفة كتب الإمام أبي الحسن


(١) الآيات البينات (ص.١٩ - ٢٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>