للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأما أهل المشرق فبعث الله عليهم في خلال هذه الدعوة عبادا له أولي بأس شديد فجاسوا خلال الديار، وهم التتار، ثم تيمور ثم نيضت نابغة أيضا تدعوا إلى معارضة النقل بالعقل فقيض الله لهم شيخ الإسلام الحراني وأصحابه، فكانوا يناضلون بسيف الحجة عن مذهب أهل السنة، ثم اختلط الأمر بعد ذلك ومرج؛ فمن آخذ بمذهب هؤلاء، ومن آخذ بمذهب هؤلاء. وقد قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق لا يضرهم من خافهم حتى يأتي أمر الله» (١). ولذلك تفرس في السائل الإمام (٢) أنه من أهل هذه الدعوة لدليل ما قال: "وأظنك رجل سوء، أخرجوه".

ولولا ما ظنه الإمام فيه لما ساغ له أن يواجهه بهذا الكلام، / ولا أن يقول: "أخرجوه"، إذ السائل لا ينهر؛ بل يلان له القول ويكرم. ولا يشك في أن الإمام مالكا من أكابر أهل السنة لا شَكَّاكٌ، ولو كان قصد مالك بقوله: "معلوم" ما نسبتم له من التأويل لكان قوله: والكيف مجهول، ضائعا، ومنافيا لاعتقاده. إذ لا يقال الكيف مجهول إلا إذا كان الاستواء على معناه الحقيقي، بل لا يحكم على شيء أنه مجهول إلا إذا كان موجودا، وإلا كان اسم المعدوم أحق به. (٣)


(١) تقدم ضمن مواقف ابن المبارك سنة (١٨١هـ).
(٢) يعني الإمام مالك رحمه الله.
(٣) نظر الأكياس (٦٧ - ٧٠) مخطوط.

<<  <  ج: ص:  >  >>