للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فأما قول الله عز وجل: {* قَالَتِ الْأَعْرَابُ آَمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا وَلَمَّا يَدْخُلِ الْإِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ} (١) فليس فيها ما ينافي أن تكون الأعمال من الإيمان، وإنما غاية ما فيها أن الاعتقاد القلبي ركن ضروري للإيمان، فلا يكون الإنسان مؤمناً حقاً بدونه، فإن قوله: {لَمْ تُؤْمِنُوا} نفي لإيمانهم، ويكفي في نفيه انتفاء ركن ضروري عنه كما لا يخفى، وقوله: {وَلَمَّا يَدْخُلِ الْإِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ} لا يقتضي أن الإيمان كله هو الذي يكون في القلب، ألا ترى أنه يصح أن يقال: لم يدخل الإسلام في قلب فلان ... أو: لم يدخل الدين في قلب فلان. مع الاتفاق أن الإسلام والدين لا يختص بما في القلب.

وأما ما في حديث جبريل: «الإيمان أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر .. » (٢) فقد أجاب عنه البخاري في كتاب الإيمان من "صحيحه" قال: باب سؤال جبريل النبي - صلى الله عليه وسلم - عن الإيمان والإسلام والإحسان وعلم الساعة، وبيان النبي - صلى الله عليه وسلم - ثم قال: «جاء جبريل عليه السلام يعلمكم دينكم»، فجعل ذلك كله ديناً، وما بين النبي - صلى الله عليه وسلم - لوفد عبد القيس من الإيمان، وقوله تعالى: {ومن يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ} (٣).


(١) الحجرات الآية (١٤).
(٢) تقدم تخريجه ضمن مواقف محمد بن أسلم الطوسي سنة (٢٤٢هـ).
(٣) آل عمران الآية (٨٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>