للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فرقة كلها في النار إلا واحدة (١)، وهي التي تستقيم على ما كان عليه النبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه الكرام.

فبالله عليك يا صاحب 'نهاية الانكسار' من هي الفرقة الناجية من هذه الفرق الموجودة الآن التي قمت تدافع عنها بكل قواك وما أحسنت الدفاع؟ ومن هي هذه الفرقة الملازمة لما كان عليه النبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه، المحافظة على آداب دينها الطاهر، المنابذة لما يمس بسمعته الحسنة ومبادئه القويمة المستحسنة؟ لعلك من المائلين إلى القول بأن المراد بالفرق في الحديث الشريف: الفرق الضالة كالمعتزلة ونحوهم ممن اندرست آثارهم، ولم تصلنا إلا أخبارهم. إن كنت قائلا بهذا، والظن أنك قائل به؛ فإننا نقول: إن النبي - صلى الله عليه وسلم - قد فصل بيننا وبينك في هذا الحديث نفسه بأن الفرقة الناجية هي المعتنقة لما كان عليه - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه؛ على أن تلك الفرق الضالة قد ذهب جلها إن لم نقل كلها بما له وما عليه، ولم تكن في نظري ونظر ذوي النظر الصائب ممن مارس التاريخ وزاوله إلا أتقى وأنقى بكثير وأبعد نظرا وأبهى مخبرا ومنظرا من بعض الفرق الموجودة الآن؛ إذ ليس منهم من كان يفضل كلام المخلوق العاجز الضعيف الحادث على كلام الخالق القادر القوي القديم سبحانه، ولا من يتخذ ضرائح الأولياء والصلحاء ملجأ وكعبة وقبلة يتوجهون إليها كما يتوجهون إلى الله تعالى، ويتطوفون بها ويتمسحون بجدرانها، ويقبلون درابيزها وكساها كما يقبلون الحجر الأسود، ويركعون أمامها بجوارحهم وجوانحهم، ويسجدون لها بكيفية أرقى من السجود لله، معفرين خدودهم على ترابها؛


(١) تقدم تخريجه ضمن مواقف يوسف بن أسباط سنة (١٩٥هـ).

<<  <  ج: ص:  >  >>