للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تقول: إن عيسى روح الله وكلمته؟ فقال: «نعم»، فقالوا حسبنا، أي كفانا ذلك في كونه ابن الله. فنزلت الآية.

فاتضح أن الصاوي يعتقد أن ادعاء نصارى نجران أن ظاهر قوله تعالى: {وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِنْهُ} (١) هو أن عيسى ابن الله ادعاء صحيح، وبنى على ذلك أن العلماء قالوا إن الأخذ بظواهر الكتاب والسنة من أصول الكفر.

وهذا كله من أشنع الباطل وأعظمه، فالآية لا يفهم من ظاهرها البتة، بوجه من الوجوه، ولا بدلالة من الدلالات، أن عيسى ابن الله، وادعاء نصارى نجران ذلك كذب بحت.

فقول الصاوي كنصارى نجران، ومن حذا حذوهم ممن أخذ بظواهر القرآن صريح في أنه يعتقد أن ما ادعاه وفد نجران من كون عيسى ابن الله هو ظاهر القرآن اعتقاد باطل باطل باطل، حاشا القرآن العظيم من أن يكون هذا الكفر البواح ظاهره، بل هو لا يدل عليه البتة فضلا عن أن يكون ظاهره، وقوله: {وَرُوحٌ مِنْهُ} كقوله تعالى: {وَسَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا مِنْهُ} (٢) أي كل ذلك من عيسى ومن تسخير السموات والأرض مبدؤه ومنشؤه منه جل وعلا.

فلفظة "من" في الآيتين لابتداء الغاية، وذلك هو ظاهر القرآن وهو


(١) النساء الآية (١٧١).
(٢) الجاثية الآية (١٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>