للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والقباب، يتعللون بتلك العلة، فقد امتزجت بقلوبهم وعقولهم، ولذلك فاستئصالها من عقولهم أمر عسير، يحتاج إلى عناء كبير وحكمة وتبصّر، وخبرة باقتلاع جذورها من صدورهم، إذ ليست مرضاً كالأمراض العاديّة التي تعالج بالحبوب أو السوائل أو المسكنات، بل تحتاج إلى عملية جراحية، وأطباء ماهرين في اقتلاع ذلك بحكمة وأناة وصبر، وأنتم أيها العلماء والمرشدون وأمثالكم، هم الصالحون لإزالة ذلك المرض، فهيئوا لذلك نفوسكم، وسووا لها صفوفكم ووحدوا خطتكم ومعكم الله ورسوله والمؤمنون، {وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنَا لِعِبَادِنَا الْمُرْسَلِينَ (١٧١) إِنَّهُمْ لَهُمُ الْمَنْصُورُونَ (١٧٢) وَإِنَّ جُنْدَنَا لَهُمُ الْغَالِبُونَ (١٧٣)} (١)، ومما ينبغي له كذلك، أن يقتصر على موضوع واحد بحيث يستحضر عناصره وأصوله، ويحلله تحليلاً سهلاً مبسطاً مع ضرب الأمثال ما استطاع، بحيث يتحدث إلى القلوب، فتنجذب إليه قبل الآذان، وأن يتجنب الألفاظ القاسية الشديدة التي ينفر منها الطبع ولا يستلذها الإحساس والسمع، فصاحبها كالطبيب اللبيب يستعمل لمريضه الدواء المر واللسان الحلو، ومما ينبغي له الاقتصار على الأحاديث الصحيحة أو الحسنة، وما أكثرهما ولله الحمد، ففيهما كل كفاية، وذلك مخافة أن تحدثهم بالحديث الضعيف، فيسألوا غيرك، وما أكثر هذا الصنف من الناس، فإذا ما أخبرهم بضعفه، فإن هذا الضعف يشملك أنت أيضاً فيصير الكلّ ضعيفاً فترتفع الثقة منك وعدم الاطمئنان إليك، فحذار


(١) الصافات الآيات (١٧١ - ١٧٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>