للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مما عليه عامة المسلمين على ما لاقت من المقاومة والمناهضة من فريق المبتدعة: أولئك الذي مني الإسلام بهم ومنوا به!

هؤلاء المخرّقون أو أولئك الجامدون على المحدثات، العاضّون عليها بالنواجذ: قوم عالة، نشؤوا على المسكنة، فاتّخذوا الدين أحبولة يصطادون بها طائر الرزق، وآنسوا من أهله الغافلين ميلا لهم، وتعلقا بأذيالهم -وما أشد تعلق العامة بمن يظهر لهم التقوى! - فاتخذوا لهم منهم جنة، تقيهم من سلاح أهل الإصلاح الماضي، وتحفظ لهم منزلتهم الموهومة، فهم أبداً، ينزلون على إرادة الرعاع، ولا يخالفون لهم أمرا خشية من نفورهم، ومحافظة على مكانتهم عندهم، فهؤلاء القوم عقبة في سبيل المصلحين كؤود، ولو تسنّى لرجال الإصلاح القضاء عليهم؛ لرأيت النساء يدخلون في دين الله أفواجاً، ولابد أن يأتي يوم يظهر الله فيه -على أيدي المصلحين- دينه الذي ارتضاه، ويتم نوره.

على أن هؤلاء المبتدعين، فضلا عن حرصهم على حفظ مكانتهم عند الرعاع، قوم استأنسوا بظلام الجهل، وأخلدوا إلى المسكنة والذل، حتى طبع الله على قلوبهم، وعلى أبصارهم غشاوة، فهم يتأذى بصرهم من نور العلم، ويعزّ عليهم الخروج من غيابة الجبّ إلى استنشاق الهواء الطلق في هذا الفضاء الواسع المترامي الأطراف، وهم -مع ذلك كله- لا يخجلون من دعوى أنهم رجال الإصلاح والصلاح، وأن سعادة البشر لا تتم إلا باتباع مناهجهم وسبُلهم! ويعلم الله أنهم ليسوا إلا حشرات سامة، تحارب السعادة والبُلَهْنيّة (١)،


(١) الرخاء وسعة العيش.

<<  <  ج: ص:  >  >>