للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وتمزق أشلاء الإنسانية بسمّها الناقع، وشرها المستطير، وأن محدثاتهم لأضرّ على الدين من طعنات ألدّ أعدائه، وأجلب للشرور إليه من أشد مناوئيه.

أجل! فإنه لولا محدثاتهم المخزية التي شوّهوا بها الدين، وتفهيمهم الدين للناس تفهيما مقلوبا لما تجرأ أحد على الطعن فيه، ولما خسر كل يوم عدداً من أبنائه غير قليل.

وليس ما يرتكبه هؤلاء جهاراً، ليلاً ونهاراً، من ضروب الموبقات، ويجرأون عليه من مقاومة المصلحين جهلاً وعدواناً بضروب الوسائل، بخافٍ على أحد، وقد كنت إخال أن للعراق النصيب الأوفر والحظ الأكبر، من هؤلاء المبتدعة حتى إذا كُتبت الرحلة لي في هذه الأيام إلى بلاد الشام، ووقفت عن كثب على أحوال قادتهم، واطلعت على بعض ما لهم من المؤلفات في الدعوة إلى حشوهم، والتهويل على المصلحين؛ دهشت مما رأيت، وعجبت لانقياد العامة لهم وتألّبهم على كل من يحضّونهم على مناهضته من رجال الإصلاح الديني والعلمي، إن حقّاً، وإن باطلاً، حتى كأن الشاعر العربي قد قصدهم بقوله:

لا يسألون أخاهم حين يندبهم ... في النائبات على ما قال برهانا!

ومن جملة الأمور التي وقفت عليها: أن عالماً من رجال الإصلاح سئل عن (حكم الصياح في التهليل والتكبير، وغيرهما أمام الجنائز)، فأفتى بأنه "مكروه تحريما، وبدعة قبيحة، يجب على علماء المسلمين إنكارها، وعلى كل قادر إزالتها، مستدلا بآية قرآنية، وحديث صحيح وأقوال الفقهاء"، وسأل هذا المستفتي عن السؤال نفسه رجلاً آخر ينتمي في الظاهر إلى العلم، فأجاب

<<  <  ج: ص:  >  >>