للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الرضوان من المهاجرين والأنصار خبر لمن استخبر، وعبرة لمن استعبر، لمن كان يعقل أو يبصر. إن الخوارج خرجوا وأصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يومئذ كثير بالمدينة والشام والعراق، وأزواجه يومئذ أحياء. والله إن خرج منهم ذكر ولا أنثى حروريا قط، ولا رضوا الذي هم عليه، ولا مالأوهم فيه، بل كانوا يحدثون بعيب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إياهم ونعته الذي نعتهم به، وكانوا يبغضونهم بقلوبهم، ويعادونهم بألسنتهم، وتشتد والله عليه أيديهم إذا لقوهم. ولعمري لو كان أمر الخوارج هدى لاجتمع، ولكنه كان ضلالا فتفرق. كذلك الأمر إذا كان من عند غير الله وجدت فيه اختلافا كثيرا. فقد ألاصوا هذا الأمر منذ زمان طويل. فهل أفلحوا فيه يوما أو أنجحوا؟ يا سبحان الله؟ كيف لا يعتبر آخر هؤلاء القوم بأولهم؟ لو كانوا على هدى، قد أظهره الله وأفلحه ونصره، ولكنهم كانوا على باطل أكذبه الله وأدحضه. فهم كما رأيتهم، لكما خرج لهم قرن أدحض الله حجتهم، وأكذب أحدوثتهم، وأهراق دماءهم. إن كتموا كان قرحا في قلوبهم، وغما عليهم. وإن أظهروه أهراق الله دماءهم. ذاكم والله دين سوء فاجتنبوه. والله إن اليهودية لبدعة، وإن النصرانية لبدعة، وإن الحرورية لبدعة وإن السبائية لبدعة ما نزل بهن كتاب ولا سنهن نبي. (١)

- وعنه في قوله تعالى: {رَبَّنَا إِنَّكَ مَنْ تُدْخِلِ النَّارَ فَقَدْ أَخْزَيْتَهُ} (٢)

، قال: تُدْخِل مقلوبُ تُخْلِد، ولا نقول كما قال أهل حروراء. (٣)


(١) ابن جرير (٦/ ١٨٧ - ١٨٩) وعبد الرزاق في التفسير (١/ ١١٥).
(٢) آل عمران الآية (١٩٢).
(٣) تفسير القرطبي (٤/ ٢٠١).

<<  <  ج: ص:  >  >>