للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تبين لك يا أمير المؤمنين أن الله تبارك وتعالى يهب العقول لمن يشاء، فمن قسم له منها شيئا ذاده به عن المعصية، ومن تركه تهور.

- قال الأصمعي: وحدثني غيره أن غيلان وإياسا التقيا فتساءلا، فقال إياس: أسألك أم تسألني؟ فقال له غيلان: سل. فقال له إياس: أي شيء خلق الله أفضل؟ قال: العقل. قال إياس: فمن شاء استكثر منه، ومن شاء استقل، فسكت غيلان مليا ثم قال: سل عن غير هذا؟ فقال له إياس: أخبرني عن العلم قبل أو العمل؟ فقال غيلان: والله لا أجيبك فيها. فقال إياس: فدعها، وأخبرني عن الخلق، خلقهم الله مختلفين أو مؤتلفين؟ فنهض غيلان وهو يقول: والله لا جمعني وإياك مجلس أبدا. (١)

- وجاء في البداية والنهاية: قال بعضهم: اكترى إياس بن معاوية من الشام قاصدا الحج، فركب معه في المحارة غيلان القدري، ولا يعرف أحدهما صاحبه، فمكثا ثلاثا لا يكلم أحدهما الآخر، فلما كان بعد ثلاث تحادثا فتعارفا وتعجب كل واحد منهما من اجتماعه مع صاحبه، لمباينة ما بينهما في الاعتقاد في القدر، فقال له إياس: هؤلاء أهل الجنة يقولون حين يدخلون الجنة: {الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدَانَا لِهَذَا وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلَا أَنْ هَدَانَا اللَّهُ} (٢) ويقول أهل النار: {ربنا غلبت علينا شِقْوَتُنَا} (٣) وتقول الملائكة:


(١) تهذيب الكمال (٣/ ٤١٦ - ٤١٧).
(٢) الأعراف الآية (٤٣).
(٣) المؤمنون الآية (١٠٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>