للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقال ابن قدامة محتجاً لهؤلاء: [لأن العقيقة شكر للنعمة الحاصلة بالولد والجارية لا يحصل بها سرور فلا يشرع لها عقيقة] (١).

وقال الماوردي محتجاً لهم: [لأن العقيقة السرور، والسرور يختص بالغلام دون الجارية] (٢).

والتعليل الذي ذكره الماوردي وابن قدامة مستبعد عن هؤلاء العلماء الأجلاء فكيف لا يحصل بولادة الأنثى سرور للمسلم وهو يعلم أن ذلك بيد الله سبحانه ولقد نعى الله على أهل الجاهلية تشاؤمهم بقدوم الأنثى وأبطل ذلك. قال تعالى: {وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِالْأُنْثَى ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَهُوَ كَظِيمٌ يَتَوَارَى مِنَ الْقَوْمِ مِنْ سُوءِ مَا بُشِّرَ بِهِ أَيُمْسِكُهُ عَلَى هُونٍ أَمْ يَدُسُّهُ فِي التُّرَابِ أَلَا سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ}.سورة النحل الآيتان ٥٨ - ٥٩.

فلا يقبل من المسلم أن يتذمر إذا رزق ببنت أو بنات فإن الأمور كلها بيد الله سبحانه وتعالى وقد وردت أحاديث كثيرة في فضل من ربى البنات وعلمهن وأدبهن وصبر عليهن وأنهن يكن له حجاباً من النار.

[مناقشة وترجيح]

بعد إجالة النظر والفكر في أدلة العلماء في هذه المسألة يتضح لي رجحان قول جمهور أهل العلم بأن العقيقة سنة مؤكدة، وليست فرضاً واجباً كما قال الظاهرية، ولا مكروهة ولا منسوخة، كما قال بعض الحنفية.


(١) المغني ٩/ ٤٦٠.
(٢) الحاوي الكبير ١٥/ ١٢٨.

<<  <   >  >>