للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

«إذا كان يوم القيامة نودي: أين أبناء الستين من السنين؟» وهو العمر الذي قال الله تعالى فيه في كتابه العزيز: {أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُمْ} - ما مفعول مطلق أي تعميراً - {يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَنْ تَذَكَّرَ} أي أراد أن يتذكر، ومبدأ التذكر تمام العقل وهو بالبلوغ، والستون نهاية زمن التذكر، وما بعده هرم (١).

قال ابن حجر: قوله: باب العمل الذي يبتغي به وجه الله تعالى، ثبتت هذه الترجمة للجميع، ثم أخذ في بيان المناسبة لترجمة من بلغ ستين سنة فقال: خشي المصنف أن يظن أن من بلغ الستين وهو مواظب على المعصية أن ينفذ عليه الوعيد، فأورد هذا الحديث المشتمل على أن كلمة الإخلاص تنفع قائلها، إشارة إلى أنها لا تخص أهل عمر دون عمر ولا أهل عمل دون عمل، قال: ويستفاد منه أن التوبة مقبولة ما لم يصل إلى الحد الذي ثبت النقل فيه أنها لا قبول معه وهو الوصول إلى الغرغرة، وتبعه ابن المنير فقال: يستفاد منه أن الأعذار لا تقطع التوبة بعد ذلك وإنما تقطع الحجة التي جعلها الله للعبد بفضله، ومع ذلك فالرجاء باقٍ .. أما معنى الإعذار في قوله - صلى الله عليه وسلم - «أعذر الله» فالإعذار: إزالة العذر، والمعنى أنه لم يبق له اعتذار، كأن يقول: لو مد لي في الأجل لفعلت ما أمرت به، يقال أعذر إليه إذا بلغه أقصى الغاية في العذر ومكنه منه، وإذا لم يكن له عذر في ترك الطاعة مع تمكنه منها بالعمر الذي حصل له فلا ينبغي له حينئذ إلا الاستغفار والطاعة والإقبال على الآخرة بالكلية، ونسبة


(١) المرجع السابق، (٤/ ٤٥٧)، (١/ ٤٢٠).

<<  <   >  >>