للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

وهذا (توبة بن الصمة وكان بالرقة، وكان محاسبا ًلنفسه فحسب يوماً فإذا هو ابن ستين سنة فحسب أيامها فإذا هي أحد وعشرين ألف يوم وخمسمائة يوم فصرخ وقال: يا ويلتي، ألقي المليك بواحد وعشرين ألف وخمسمائة ذنب، كيف وفي كل يوم ذنب؟! ثم خر مغشياً عليه فإذا هو ميت، فسمعوا قائلاً يقول: يا لك ركضةٌ إلى الفردوس الأعلى.

فهكذا ينبغي للمرء أن يحاسب نفسه على الأنفاس وعلى معصية بالقلب والجوارح في كل ساعة، ولو رمى العبد بكل معصية حجرًا في داره لامتلأت داره في مدة يسيرة قريبة من عمره، ولكنه يتساهل في حفظ المعاصي والملكان يحفظان عليه ذلك {أَحْصَاهُ اللَّهُ وَنَسُوهُ} (١).

قال إسماعيل بن عبيد الله: قال لي عمر بن عبد العزيز: يا إسماعيل كم أتت عليك من سنة؟ قلت: ستون سنة وشهور، قال: يا إسماعيل إياك والمزاح (٢).

قال الشاعر:

والشيبُ يقطعُ من ذي اللهو شهوتَه ... ويُذْهب المزْحَ ممَّن كان مزَّاحاً

ألا وإن خير الهدي هدي محمد - صلى الله عليه وسلم -، فقد كان يمازح أصحابه،


(١) إحياء علوم الدين، (٤/ ٤٠٦) دار المعرفة بيروت، صفة الصفوة، (٤/ ٦٩١) دار المعرفة بيروت.
(٢) حلية الأولياء، (٥/ ٣٤٢).

<<  <   >  >>