للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

ولعل عمر بن عبد العزيز رحمه الله والشاعر يرميان إلى أن من بلغ هذه السن فعليه أن لا يستكثر من المزاح، بحيث يكون غالباً عليه، بل الأكمل له في هذا السن المتقدم الوقار والحلم، وغلبةُ الجد والخشوع وكثرة الذكر والاستغفار.

وصدق الشاعر:

ألا إن سفاه الشيخ لا حلم بعده

وهذا المسيب بن نجبة بعد مقتل علي بن أبي طالب – رضي الله عنه – يتقدم بعض أصحابه بالكلام فيقول بعد أن حمد الله وأثنى عليه وصلى على نبيه - صلى الله عليه وسلم -: أما بعد، فإنا قد ابتلينا بطول العمر والتعرض لأنواع الفتن، فنرغب إلى ربنا ألا يجعلنا ممن يقول له غداً {أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُمْ مَا يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَنْ تَذَكَّرَ وَجَاءَكُمُ النَّذِيرُ} فإن أمير المؤمنين–رضي الله عنه – قال: العمر الذي أعذر الله فيه إلى ابن آدم ستون سنة (١).

أما أبو الشعثاء جابر بن زيد الذي قال عنه قتادة: بأنه أعلم أهل الأرض في زمانه، فإنه أتى أصحابه ذات يوم في مصلاهم وعليه نعلان خلقان فقال: مضى من عمري ستون سنة، نعلاي هاتان أحب إلي مما مضى منه إلا أن يكون خيراً قدمته (٢).

وعن الهيثم بن عدي قال: سمعت خويل بن محمد الأزدي وكان


(١) تاريخ الطبري، (٣/ ٣٩٠) دار المعرفة القاهرة.
(٢) البداية والنهاية، (٩/ ٩٤) مكتبة المعارف بيروت، حلية الأولياء، (٣/ ٨٨).

<<  <   >  >>