للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فإن كنت في شك من هذا فتأمل معي أثر هذه القوة حين انحازت لرسول من رسل الله والفئة القليلة التي آمنت معه: {كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ فَكَذَّبُوا عَبْدَنَا وَقَالُوا مَجْنُونٌ وَازْدُجِرَ (٩) فَدَعَا رَبَّهُ أَنِّي مَغْلُوبٌ فَانْتَصِرْ (١٠) فَفَتَحْنَا أَبْوَابَ السَّمَاءِ بِمَاءٍ مُنْهَمِرٍ (١١) وَفَجَّرْنَا الْأَرْضَ عُيُونًا فَالْتَقَى الْمَاءُ عَلَى أَمْرٍ قَدْ قُدِرَ (١٢) وَحَمَلْنَاهُ عَلَى ذَاتِ أَلْوَاحٍ وَدُسُرٍ (١٣) تَجْرِي بِأَعْيُنِنَا جَزَاءً لِمَنْ كَانَ كُفِرَ} [القمر/٩ - ١٤].

تلك القوة الإلهية هي التي أدارت معركة بدر لتنصر فئة قليلة عددا وعدة، ولكنها كبيرة بإيمانها وصدق توجهها إلى ربها: {إِذْ يُوحِي رَبُّكَ إِلَى الْمَلَائِكَةِ أَنِّي مَعَكُمْ فَثَبِّتُوا الَّذِينَ آَمَنُوا سَأُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ فَاضْرِبُوا فَوْقَ الْأَعْنَاقِ وَاضْرِبُوا مِنْهُمْ كُلَّ بَنَانٍ} [الأنفال/١٢].

القوة الإلهية هي التي هزمت الأحزاب دون ستار من الأسباب البشرية: {وَرَدَّ اللَّهُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِغَيْظِهِمْ لَمْ يَنَالُوا خَيْرًا وَكَفَى اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ الْقِتَالَ وَكَانَ اللَّهُ قَوِيًّا عَزِيزًا} [الأحزاب/٢٥].

إذن فلا أمل حقيقي لنا إلا باستدعاء تلك القوة التي لا تُقهر، والتي لا تقف أمامها أي أسباب مهما عظُمت.

[هل نترك الأسباب؟]

ليس معنى القول بأن أملنا في الله وحده أن نترك الأسباب المادية بدعوى عدم جدواها، بل المطلوب هو العكس علينا أن نملأ كل فراغ يتاح أمامنا، ونتغلغل في كل القطاعات، ونجتهد غاية الاجتهاد في امتلاك أسباب القوة كما طالبنا الله عز وجل بذلك: {وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ} [الأنفال/٦٠].

<<  <   >  >>