للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وذكر ابن أبي الدنيا عن إبراهيم بن عمرو الصنعاني قال: أوحى الله إلى يوشع بن نون: إني مهلك من قومك أربعين ألفا من خيارهم، وستين ألفا من شرارهم. قال: يارب، هؤلاء الأشرار فما بال الأخيار؟! قال: إنهم لم يغضبوا لغضبي، وكانوا يؤاكلونهم ويشاربونهم (١).

وتحسبونه هينا وهو عند الله عظيم:

إن مخالفة أوامر الله وعصيانه لَشيء عظيم عنده سبحانه .. نعم هو الحليم الصبور، يصبر على عباده مرة ومرة، ولكن إذا ما استمروا في عصيانهم عاقبهم لعلهم يفيقون من غفلتهم ويرجعون إليه: {ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ} [الروم/٤١].

لقد خرج الصحابة رضوان الله عليهم مع رسول الله صلى الله عليه وسلم لملاقاة المشركين عند جبل أحد، وبدأت المعركة وانتصر المسلمون في البداية، ولما خالف عدد قليل منهم أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم كان العقاب الأليم من الله عز وجل وكانت الهزيمة العنيفة التي حدثت لهم، فرسول الله صلى الله عليه وسلم كاد أن يُقتل، واستشهد منهم سبعون رجلا و ... ، كل ذلك بسبب عصيان بعضهم لأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال تعالى: {وَلَقَدْ صَدَقَكُمُ اللَّهُ وَعْدَهُ إِذْ تَحُسُّونَهُمْ بِإِذْنِهِ حَتَّى إِذَا فَشِلْتُمْ وَتَنَازَعْتُمْ فِي الْأَمْرِ وَعَصَيْتُمْ مِنْ بَعْدِ مَا أَرَاكُمْ مَا تُحِبُّونَ مِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الدُّنْيَا وَمِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الْآَخِرَةَ} [آل عمران/١٥٢].

[أين أثر الدعاء]

إذن فكل ما يحدث لنا من صور العذاب ما هي إلا عقوبات يعاقبنا الله عز وجل بها نتيجة لبعض أفعالنا: {وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ} [الشورى/٣٠].


(١) الداء والدواء لابن القيم ص ٩٠ - دار ابن كثير، بيروت - لبنان.

<<  <   >  >>