للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[التشخيص]

من هنا يتضح لنا أن السبب الرئيسي لعدم قيام القلب بتنفيذ قناعات العقل هو قوة الهوى وسيطرتها على أكبر قدر من مشاعره، مما يتيح لها التمكن من إرادته. بل إن وجود أي مساحة للهوى في القلب وإن صغرت لها مخاطرها في كونها ستعمل على التعبير عن هذا الوجود في وقت ما .. هذا الشخص سيظل يقوم بأعمال صالحة كثيرة وفي كل الاتجاهات تعكس قوة إيمانه، ولكن عند تعارض موعد مباراة فريقه المحبوب مع عمل من أعمال الإيمان كصلاة الجماعة مثلا تراه يجلس في بيته مشجعا لفريقه، فإن جاهد نفسه وذهب للصلاة تجد أنه يصلي بجوارحه أما قلبه فمعلق بالمباراة .. ما الذي حدث هنا؟! .. الذي حدث أن الهوى قد عبر عن نفسه في اللحظة المناسبة بسلوك خاطئ .. إذن علينا إذا ما أردنا تغييرا حقيقيا في سلوكنا أن نُمكِّن للإيمان في القلب ونطرد الهوى بأكمله منه، كما وصف الله عز وجل الصحابة - رضوان الله عليهم - بقوله: {لَا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آَبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ أُولَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمَانَ وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ} [المجادلة/٢٢].

فعندما تمكن الإيمان الكامل في قلوبهم استطاعوا بتأييد من الله أن يقاوموا أهوائهم والتي تريد موالاة الآباء والأبناء والإخوان.

[المحور الثالث: النفس]

خلق الله عز وجل في كل إنسان نفسا محبة للشهوات، مؤثرة للراحة، طالبة للعلو والتميز عن الآخرين .. تحب أن تأخذ نصيبها من كل فعل يقوم به العبد.

ولأن هواها في الراحة فإنها تلح على صاحبها بعدم القيام بالطاعة لما فيها من مشقة.

<<  <   >  >>