للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فكما أننا نُخصص وقتا يوميا لتلاوة القرآن، علينا كذلك أن نخصص وقتا آخر بين الحين والحين، ولو مرة كل أسبوع، نتعلم فيه بضع آيات من القرآن ثم نجتهد في حفظها، والعمل بما دلت عليه من خُلق وسلوك، أو ما اشتملت عليه من أوامر ونواه، ولا ننتقل إلى غيرها إلا بعد التأكد من ممارسة العمل بما في تلك الآيات .. وهذا ما كان يفعله الصحابة رضوان الله عليهم.

يقول أبو عبد الرحمن السلمي: إنما أخذنا القرآن من قوم اخبرونا أنهم كانوا إذا تعلموا عشر آيات لم يجاوزوهن إلى العشر الأخرى حتى يعلموا ما فيهن من العمل.

قال: فتعلمنا العلم والعمل جميعا، وأنه سيرث القرآن من بعدنا قوم يشربونه شرب الماء، لا يجاوز هذا .. وأشار إلى حنكه.

وتكمن أهمية هذا الأثر في أن صاحبه وهو ليس من الجيل الأول بل هو من التابعين ينقل لنا الطريقة التي كانت سائدة بين الصحابة في حفظهم لآيات القرآن، وبعد أن اكتمل نزوله .. فهذا عمر بن الخطاب ظل يتعلم ويحفظ في سورة البقرة اثنتي عشرة سنة، فلما أتمها نحر جزورا، وهذا ابنه عبد الله يتعلمها في ثماني سنين.

[المربي]

قال تعالى: {وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِنْ أَمْرِنَا مَا كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلَا الْإِيمَانُ وَلَكِنْ جَعَلْنَاهُ نُورًا نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشَاءُ مِنْ عِبَادِنَا وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} [الشورى/٥٢].

فمع الأهمية القصوى للقرآن كمشروع للنهضة، ومصنع للتغيير، يأتي دور المربي الذي يُشرف على عملية التغيير مكملا لدور القرآن العظيم.

<<  <   >  >>