للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والجوابُ: أنَّا وإنْ قلنا إنَّهُ على العرشِ كمَا أخبرَ بكتابهِ وأخبرَ بهِ نبيُّه صلى الله عليه وسلم فلا نقولُ إنَّهُ محدودٌ، ولا إنَّهُ يفتقرُ إلى مكانٍ، ولا تحيطُ بهِ جهةٌ ولا مكانٌ، بل كانَ ولا مكانَ ولا زمانَ ثمَّ خلقَ المكانَ والزمانَ، واستوى على العرشِ بلا كيفيَّةٍ، ولم يخلقِ العرشَ لحاجتهِ إليهِ، بلْ كما حُكِيَ عنْ ذي النونِ المصريِّ لمَّا قيل لهُ: ما أرادَ اللهُ بخلقِ العرشِ؟ فقالَ: أرادَ اللهُ أنْ لا تتيهَ قلوبُ العارفينَ ولم يَخْلُقْهُ لحاجتهِ إليهِ، فإذا قيلَ للعبدِ المؤمنِ أينَ اللهُ؟ قال: عَلَى العَرْشِ» (١).

١٠٠ - الشيخُ عبدُ القادر (٥٦٢هـ)

قَالَ شيخُ الإسلامِ سيِّدُ الوعَّاظِ عبد القادر الجيلي الحنبلي شيخ العراق فِي كتاب «الغنية»:

«وَهُوَ بِجِهَةِ العُلُوِّ، مُسْتَو عَلَى العَرْشِ، محتوٍ عَلَى الملكِ محيطٌ عِلْمُهُ بالأشياءِ {إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ} [فاطر: ١٠]، {يُدَبِّرُ الأَمْرَ مِنَ السَّمَاءِ إِلَى الأَرْضِ ثُمَّ يَعْرُجُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ أَلْفَ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ *} [السجدة: ٥].

واللهُ تَعَالَى عَلَى العَرْشِ وَلاَ يَخْلُو منْ عِلْمِهِ مكانٌ، وَلاَ يجوزُ وصفهُ بأنَّهُ فِي كلِّ مكانٍ، بلْ يقالُ: إنَّهُ فِي السَّمَاءِ عَلَى العَرْشِ، كَمَا قَالَ جلَّ ثناؤهُ: {الرَّحْمَانُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى *} [طه: ٥]، وقوله: {ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ} [الأعراف: ٥٤]، وقال تَعَالَى: {إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ} [فاطر: ١٠].


(١) الانتصار في الرد على المعتزلة القدرية الأشرار (٢/ ٦٠٧ - ٦٢٢).

<<  <   >  >>