للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والكلامُ المذكورُ كذبٌ مفترًى على عليٍّ رضي الله عنه، وقد اتَّفقَ أهلُ العلمِ بالحديثِ أنَّهُ موضوعٌ مختلقٌ مفترى، وليسَ هو في شيءٍ منْ دواوينِ الحديثِ لا كبارهَا ولا صغارهَا، ولا رواهُ أحدٌ منْ أهلِ العلمِ بإسنادٍ صحيحٍ ولا ضعيفٍ، ولا بإسنادٍ مجهولٍ، وإنَّما تكلَّمَ بهذهِ الكلمةِ متأخرو الجهميَّةِ، فتلقَّاهُ مِنْ هؤلاءِ الذينَ وصلوا إلى آخرِ التجهُّمِ، وهوَ التَّعطيلُ والإلحادُ ... وهذهِ المقولةُ قصدَ بها المتكلِّمةُ الجهميَّةُ نفيَ الصِّفاتِ التي وصفَ بهَا نفسهُ منْ استواءهِ على العرشِ وغيرِ ذلكَ ... وهمْ دائمًا يهذونَ بهذهِ الكلمةِ في مجالسهمْ، وهي أجلُّ عندهمْ منْ قولهِ تعالى: {الرَّحْمَانُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى *} [طه: ٥] ومنْ حديثِ الجاريةِ.

الشُّبْهَةُ الثَّالِثَةُ عَشْرَةَ

قال القشيريُّ: «قال جعفرُ الصَّادقُ: مَنْ زعمَ أنَّ الله في شيءٍ أو منْ شيءٍ أو على شيءٍ فقدْ أشركَ؛ إذ لو كانَ على شيءٍ لكانَ محمولًا، أو كانَ في شيءٍ لكانَ محصورًا، أو كانَ من شيءٍ لكانَ محدثًا» (١).

سبحانَ الله!! كيفَ قوبلَ هذَا الكلامُ بأعظمِ القبولِ، وقدِّمَ على الآياتِ القرآنيةِ والأحاديثِ النبويةِ الدَّالةِ على علوِّ الله على العرشِ. فليسَ الدينُ بكثرةِ الكلامِ ولكنْ بالهدى والسدادِ.

والكلامُ على الأثرِ المذكورِ منْ وجهينِ:

الأوَّلُ:

هذَا الكلامُ وأشباهُه ممَّا اتَّفَقَ أهلُ المعرفةِ على أنَّهُ مكذوبٌ عنْ جعفرٍ، والكذبُ على جعفر كثيرٌ منتشرٌ. والذي نقلهُ العلماءُ الثقاتُ عنهُ معروفٌ، يخالفُ روايةَ المفترينَ عليهِ (٢).

الثاني:


(١) الرسالة القشيرية (١/ ٤٠ - ٤١).
(٢) الاستقامة (١/ ١٩١).

<<  <   >  >>