للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قالَ الإمامُ الدَّارميُّ: «والحديثُ نفسهُ يُبطلُ هذَا التفسير ويكذِّبهُ، غيرَ أنَّهُ أغيظُ حديثٍ للجهميَّةِ، وأنقضُ شيءٍ لدعواهم، لأنَّهم لا يقرُّون أنَّ الله فوقَ عرشهِ فوقَ سمواتهِ، ونفسُ الحديثِ ناقضٌ لدعواهم وقاطعٌ لحججهم» (١).

السادسُ:

لو أرادَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم بأحاديثِ النزولِ نزولَ ملَكٍ مِنَ الملائكةِ لصرَّحَ بذلكَ. فهوَ أغيرُ على ربِّهِ عزَّ وجلَّ مِنَ المشتغلينَ بعلمِ الكلامِ. ولا شكَّ أنَّ صرف النُّصوصِ الصَّرِيحةِ الصَّحِيحةِ المحكمةِ عنْ ظاهرهَا، وتوجيههَا على المحاملِ البعيدةِ، والمنازلِ الشاسعةِ،: تحريفٌ للشَّرعِ، وتكذيبٌ لدينِ الاسلامِ منْ حيثُ لا يشعرونَ أو يشعرونَ، ولكنْ لا يهتدونَ.

السابعُ:

إنَّ سلفَ الأمَّةِ والأئمَّةِ مجمعونَ على إثباتِ نزولِ الله تعالى كلَّ ليلةٍ إلى سماء الدنيا منْ غيرِ تحريفٍ ولا تعطيلٍ ولا تكييفٍ ولا تمثيلٍ. ولم يثبتْ عنْ أحدٍ منهم أنَّهُ تأوَّلَ نزولَ الله تعالى بنزولِ أمرهِ أو رحمتهِ أو غيرِ ذلكَ. فمنْ زعمَ أنَّ أحدًا مِنَ السَّلفِ نفى نزولَ الله تعالى حقيقةً فقدْ أعظمَ عليهم الفريةَ، ونسبَ إليهم ما لم يقولوه.

بلْ إنَّ الثابتَ عَنِ السَّلفِ والأئمَّةِ أنَّه لمَّا أظهرت الجهميَّةُ والمعتزلةُ القولَ بنفي نزولِ الله تعالى، ردُّوا عليهم، وبيَّنوا أنَّ الله عزَّ وجلَّ ينزلُ كلَّ ليلةٍ إلى السَّماء الدنيا نزولًا حقيقيًّا كما يليقُ بجلالهِ وعظمته.

حدَّث الإمامُ حمَّادُ بنُ سلمة رحمه الله (١٦٧هـ) بحديثِ نزولِ الرَّبِّ عزَّ وجلَّ فقالَ: «مَنْ رَأَيْتُمُوهُ يُنْكِرُ هذا فاتَّهِمُوهُ» (٢).

وقالَ الإمامُ نُعيمُ بنُ حمَّادٍ (٢٢٨هـ) رحمه الله: «حديثُ النزولِ يردُّ على الجهميَّةِ قولَهم» (٣).


(١) نقضه على المريسي (١/ ٥٠٠).
(٢) سير أعلام النبلاء (٧/ ٤٥١)، ومختصر العلو (ص١٤٤).
(٣) التمهيد (٧/ ٤٤).

<<  <   >  >>