للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فرحم الله ابن المبارك، لقد أتى بأصل المعرفة التي لا يصلح لأحدٍ معرفةٌ ولا إقرارٌ بالله سبحانه إلَّا بها، وهو المباينة لخلقه جلَّ وعلا، والعلو على العرش (١). فمن لم يعرفه بذلك، لم يعرف إلهه الذي يعبده.

قالَ الذهبيُّ معقِّبًا: قلتُ: الجهميَّةُ يقولونَ: إنَّ الباري تعالى في كلِّ مكانٍ، والسَّلفُ يقولونَ: إنَّ عِلْمَ الباري في كلِّ مكانٍ، ويحتجُّونَ بقولهِ تعالى: {وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ} [الحديد: ٤]، يعني بالعلمِ، ويقولونَ: إنَّهُ على عَرْشِهِ اسْتَوَى كمَا نطقَ بهِ القرآنُ والسنَّةُ ... ومعلومٌ عندَ أهلِ العلمِ مِنَ الطوائفِ أنَّ مذهبَ السَّلفِ إمرارُ آياتِ الصِّفاتِ وأحاديثهَا كمَا جاءتْ منْ غيرِ تأويلٍ ولا تحريفٍ، ولا تشبيهٍ ولا تكييفٍ، فإنَّ الكلامَ في الصِّفاتِ فرعٌ على الكلامِ في الذَّاتِ المقدَّسةِ.

وقدْ عَلِمَ المسلمونَ أنَّ ذاتَ الباري موجودةٌ حقيقةً، لا مِثْلَ لها، وكذلكَ صفاتهُ تعالى موجودةٌ، لا مِثْلَ لها (٢).

١٧ - جرير الضبيُّ، محدِّث الري (١٨٨هـ)

قال جريرُ بنُ عبدِ الحميد رحمه الله: «كلامُ الجهميَّةِ أَوَّلهُ عَسَلٌ وآخِرُهُ سُمٌّ، وإنَّما يحاولونَ أنْ يقولوا: ليسَ في السَّمَاءِ إلهٌ» (٣).

١٨ - عبدُ الرحمنِ بنُ مهدي (١٩٨هـ)

قال الذهبيُّ رحمه الله: نقلَ غيرُ واحدٍ بإسنادٍ صحيحٍ عنْ عبدِ الرحمنِ - الذي يقولُ فيهِ عليُّ بنُ المديني: حافظُ الأمَّةِ، لو حلفتُ بينَ الركنِ والمقامِ لحلفتُ أنِّي ما رأيتُ أعلمَ منْ ابنِ مهدي - قال:


(١) فتح المجيد في شرح التوحيد (٤/ ٢١٠٧).
(٢) السير (٨/ ٤٠٢).
(٣) أخرجه الذهبي في «العلو» (ص٩٨٥)، وجوَّد إسناده المحدِّث الألباني رحمه الله في «مختصر العلو» (ص١٥١).

<<  <   >  >>