للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(مسألة والحديث شجون) قال الشيخ عبد الوهاب الشعراني في رسالته كشف الحجاب: وسألوني عن الاتحاد، الذي تشير إليه أهل الإلحاد، هل المراد أن ترجع صورة العبد هي عين الحق، أم المراد غير ذلك؟ فأجبتهم: المراد بالاتحاد في لسان القوم: فناء مراد العبد في مراد الحق، فلا يصير للعبد مراد مع الحق إلا بحكم التَبَعية، وهذا الحق ليس به خفاء، فدعني عن ثَنيّات الطريق، وفي هذا الكلام كلام، قلما يخلو من الملام، أنشد لنفسه ابن أبي الحديد المعتزلي:

أفنيت خمسينَ عاماً مُعملاً نظري ... فيه فلم أدر ما آتي وما أذر

من كان فوقَ عقولِ القايسين فما ... ذا يدرك الفكر أو ما يبلغ النظر

وأحسن منه:

وما البحثُ في الآثارِ إلا مبعد ... عن المقصد الأسنى إلى الغاية القصوى

فلا تقتنع بالقشر دون لُبابه ... ولا تحتجب بالباب عن حضرة النجوى

وما أحسن قول المتأدب:

تعشقتُ ربّ الحسن لما رأيته ... عياناً فجاهدت الهوى في سبيلهِ

ومن حجبت عنه محاسن وجهه ... فغايته أن يهتدي برسولهِ

وقال: سئلت إذا كان لا حلول ولا اتحاد، فما القوّة الحاملة للعبد؟ هل هي عين أم غير؟ فإن قلنا هي غير فقد قام العبد بنفسه وهو محال، وإن قلنا هي عين، فهو عين القول بالحلول، وما معنى كنت سمعه الذي يسمع به؟ فأجبت: هذه المسألة لا ترتفع الشبهة فيها بالكلية إلا بالكشف، فاعملوا على جَلاء مِرآة قلوبكم بالأعمال السنية، وإلا فالعقل في حيرة من ذلك، ومعنى الحديث: وما رميت إذ رميت وأكثر من ذلك لا يقال، كما قال:

فما كلّ معلوم يباح مصونه ... ولا كلّ ما أمْلَتْ عيونُ الظِبا يُرْوى

وعلى ذكر الحلول، فما أحلى قول أبي البركات الحاتمي:

لي حبيب لو قيل ما تتمنّى ... ما تعدّيْتُه ولو بالنون

<<  <   >  >>