للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

" أحدهما: الشرك العظيم، وهو إثبات شريك لله تعالى؛ يقال: أشرك فلان بالله، وذلك أعظم كفر؛ قال: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ} [النساء: ١١٦]، قال: {وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا بَعِيدًا} [النساء: ١١٦]، {مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ} [المائدة: ٧٢]،، {يُبَايِعْنَكَ عَلَى أَنْ لَا يُشْرِكْنَ بِاللَّهِ شَيْئًا} [الممتحنة: ١١٢]، وقال: {سَيَقُولُ الَّذِينَ أَشْرَكُوا لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا أَشْرَكْنَا} [الأنعام: ١٤٨].

والثاني: الشرك الصغير، وهو مراعاة غير الله معه في بعض الأمور، وهو الرياء والنفاق المشار إليه بقوله: {شُرَكَاءَ فِيمَا آتَاهُمَا فَتَعَالَى اللَّهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ} {الأعراف: ١٩٠}، {وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إِلَّا وَهُمْ مُشْرِكُونَ} [يوسف: ١٠٦]، وقال بعضهم: معنى قوله: {إِلَّا وَهُمْ مُشْرِكُونَ}؛ أي: واقعون في شرك الدنيا، أي: حبالتها ".

قال: " ومن هذا ما قال - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «الشِّرْكُ فِي هَذِهِ الْأُمَّةِ أَخْفَى مِنْ دَبِيبِ النَّمْلِ عَلَى الصَّفَا» (٣٧) ".

قال: " ولفظ الشرك من الألفاظ المشتركة، وقوله: {وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا}: محمول على الشركين، وقوله: {اقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ} [التوَبة: ٥]،؛ فأكثر الفقهاء يحملونه على الكفار جميعاً ".

هذا كلام الراغب، وقد اشتمل على آيات في استعمال القرآن لمادة الشرك بالمعنى الشرعي، وهي تفصح عن موافقتها لأصل المعنى اللغوي؛ سنة الحقائق الشرعية في انبنائها على الحقائق اللغوية.

وبيان الشرك بالكفر تساهل في المعنى قرَّبه اتحادهما في الحكم.


(٣٧) قوي: مضى تخريجه برقم (٦).

<<  <   >  >>