للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

عليه الأمم من قبلهم، وانتجثوا (استخرجوا) ما كان يعبد قوم نوح عليه السلام منها على إرث ما بقي فيهم من ذكرها.

وفيهم على ذلك بقايا من عهد إبراهيم وإسماعيل يتنسكون بها من تعظيم البيت والطواف به والحج والعمرة والوقوف على عرفة ومزدلفة وإهداء البدن والإِهلال بالحج والعمرة، مع إدخالهم فيه ما ليس منه:

فكانت نزار تقول إذا ما أهلت: لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك، إلا شريك لك، تمكله وما ملك؛ فيوحدونه بالتلبية، ويدخلون معه آلهتهم، ويجعلون ملكها بيده، يقول الله عز وجل لنبيه - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: {وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إِلَّا وَهُمْ مُشْرِكُونَ}؛ أي: ما يوحدونني بمعرفة حقي؛ إلا جعلوا معي شريكاً من خلقي.

وكانت تلبية عك إذا خرجوا حجاجاً؛ قدموا أمامهم غلامين أسودين من غلمانهم، فكانا أمام ركبهم، فيقولان: نحن غرابا عك. فتقول عك في بعدهما: عك إليك عانيه، عبادك اليمانيه، كيما نحج الثانيه.

وكانت ربيعة إذا حجت فقضت المناسك ووقفت في المواقف، نفرت في النفر الأول، ولم تقم إلى آخر التشريق.

فكان أول من غير دين إسماعيل عليه السلام؛ فنصب الأوثان، وسيب السائبة، ووصل الوصيلة، وبحر البحيرة، وحمى الحامية: عمرو بن ربيعة، وهو لحي بن حارثة بن عمرو بن عامر الأزدي، وهو أبو خزاعة، وكانت أم عمرو بن لحي فهيرة بنت عمرو بن الحارث، ويقال: قمعة بنت مضاض الجرهمي (قمعة بفتحتين وبكسر فتشديد)، وكان الحارث هو الذي يلي أمر الكعبة، فلما بلغ عمرو بن لحي، نازعه في الولاية، وقاتل جرهماً ببني إسماعيل، فظفر بهم، وأجلاهم عن الكعبة، ونفاهم من بلاد مكة، وتولى حجابة البيت بعدهم.

<<  <   >  >>