للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وَأَضَلُّوا» (٥٢).

• موازنة بين الجاهلية الغابرة والجاهلية الحاضرة:

ولقد سادت هذه الحالة العالم الإِسلامي، فانتهوا إلى جاهلية كجاهلية العرب في الدين لا في اللسان والبيان، فقد ارتقى العرب أيام جاهليتهم في معرفة معاني الكلام والإِبانة عما في أنفسهم بالألفاظ المؤدية لأصل المعنى، ولكن المسلمين شمل انحطاطهم هذه الناحية أيضاً؛ فلم يكونوا مثل أولئك العرب في فصاحة اللسان ووضع الأسماء على مسمياتها؛ فتراهم يعتقدون في الغوث والقطب وصاحب الكشف والتصريف معنى الألوهية، ولكن لا يسمونهم آلهة!! ويخضعون لأوليائهم ويخشونهم كخشية الله أو أشد، ولا يسمون ذلك عبادة!!

• محاولة التفرقة بين الجاهليتين في الدين:

ويفرقون بينهم وبين من سماهم القرآن مشركين؛ بأنهم لم يعبدوا غير الله، ولم يتخذوا معه إلهاً آخر كأولئك المشركين، وربما مازوا أنفسهم من الجاهلية الأولى بأن وصفهم بالشرك جاء من قبل اعتقادهم في الجماد وغير الصالحين من العباد، أو أن أحداً غير الله يماثله في الخلق والإِيجاد، ويقولون: نحن إنما نعتقد في الصالحين الأخيار أن الله جعل لهم النفع والضر في هذه الدار وتلك الدار، فهم يعطون أو يمنعون، وبأيديهم مفاتح مخيبه، وتحت قبضتهم خزائن فضله؛ ينزلون الأمطار متى شاؤوا، ويعافون من أحبوا، ويبتلون


(٥٢) أخرجه البخاري في (كتاب العِلْم، باب كيف يقبض العِلْم، ١/ ١٩٤/ ١٠٠)، ومسلم في (كتاب العلم، باب رفع العلم وقبضه وظهور الجهل والفتن في آخر الزمان، ٤/ ٢٠٥٨ / ٢٦٧٣).

<<  <   >  >>