للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ} [فصلت: ٣٥]، {يَا عِبَادِ لَا خَوْفٌ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ وَلَا أَنْتُمْ تَحْزَنُونَ (٦٨) الَّذِينَ آمَنُوا بِآيَاتِنَا وَكَانُوا مُسْلِمِينَ} [الزخرف: ٦٨ - ٦٩].

وفصل هذا المعنى أول سورة {قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ}، وحكم لأهله بقوله: {أُولَئِكَ هُمُ الْوَارِثُونَ * الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ} [المؤمنون: ١١ - ١٠].

ووردت في هؤلاء الأولياء أحاديث أشرفها- كما قال ابن رجب في " جامع العلوم والحكم " - حديث البخاري: «مَنْ عَادَى لِي وَلِيًّا؛ فَقَدْ آذَنْتُهُ بِالْحَرْبِ، وَمَا تَقَرَّبَ إِلَيَّ عَبْدِي بِشَيْءٍ أَحَبَّ إِلَيَّ مِمَّا افْتَرَضْتُهُ عَلَيْهِ، وَلَا يَزَال عَبْدِي يَتَقَرَّبُ إِلَيَّ بِالنَّوَافِل حَتَّى أُحِبَّهُ، فَإِذَا أَحْبَبْتُهُ؛ كُنْتُ سَمْعَهُ الَّذِي يَسْمَعُ بِهِ، وَبَصَرَهُ الَّذِي يُبْصِرُ بِهِ، وَيَدَهُ الَّتِي يَبْطِشُ بِهَا، وَرِجْلَهُ الَّتِي يَمْشِي بِهَا، وَلَئِنْ سَأَلَنِي لَأُعْطِيَنَّهُ، وَلَئِنِ اسْتَعَاذَنِي لَأُعِيذَنَّهُ» (٥٣).

قال القشيري في باب الولاية من " رسالته ": " الولي له معنيان:

أحدهما: فعيل بمعنى مفعول، وهو من يتولى الله سبحانه وتعالى أمره؛ قال الله سبحانه: {وَهُوَ يَتَوَلَّى الصَّالِحِينَ} [الأعراف: ١٩٦]؛ فلا يكله إلى نفسه لحظة، بل يتولى الحق سبحانه رعايته.

والثاني: فعيل مبالغة من الفاعل، وهو الذي يتولى عبادة الله وطاعته؛


(٥٣) وتمامه: " وما ترددتُ عن شيءٍ أنا فاعله ترددي عن نفس المؤمن، يكره الموت، وأنا أكره مساءته".
أخرجه البخاري في " صحيحه " (كتاب الرقاق، باب التواضع، ١١/ ٣٤٠ - ٣٤١/ ٦٥٠٢) عن أبي هريرة؛ قال: قال رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " إن الله قال ... "؛ فذكره.
وللحديث طرق أخرى وشواهد تقوّيه، أشار إليها الحافظ في " الفتح ".

<<  <   >  >>