للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بين الصبر ودعائه له، فأصر على اختيار دعاء رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فأمره بالوضؤ وصلاة ركعتين، ثم الدعاء بهذا اللفظ: «اللَّهُمَّ! إنِّي أَسْأَلُك وَأَتَوَجَّهُ إلَيْك بِنَبِيِّك مُحَمَّدٍ، نَبِيِّ الرَّحْمَةِ، يَا مُحَمَّدُ! إنِّي أَتَوَجَّهُ بِكَ إِلَى رَبِّي فِي حَاجَتِي هَذِهِ لِتُقْضَى لِي، اللَّهُمَّ! فَشَفِّعْهُ فِيَّ» (١٢٦).

والتوجه بالنبي معناه التوجه بدعائه، دل على هذا المحذوف اختيار الأعمى لدعاء الرسول [- صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -] بعد تخييره له بينه وبين الصبر، وأمره للأعمى بالدعاء بعد دعائه - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -؛ نظير ما أخرجه مسلم وغيره من قوله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لمن سأله مرافقته في الجنة: «أَعِنِّي عَلَى نَفْسِكَ بِكَثْرَةِ السُّجُودِ» (١٢٧)؛ فنصح لهما بعبادتي الصلاة والدعاء لمناسبتهما للمطلوب.


(١٢٦) صحيح: أخرجه أحمد (٤/ ١٣٨)، والترمذي (١٠/ ٣٢ - ٣٣/ ٣٦٤٩)، والنسائي في " عمل اليوم والليلة " (٦٥٨ و٦٥٩ و٦٦٠)، وابن ماجه (١٣٨٥)، وابن خزيمة (٢/ ٢٢٥ - ٢٢٦/ ١٢١٩)، والحاكم (١/ ٣١٣ و٥١٩ و٥٢٦ - ٥٢٧)، والطبراني في " الكبير " (٩/ ١٧ - ١٨/ ٨٣١١)، و " الصغير " (١/ ٣٠٦ - ٣٠٧/ ٥٠٨) عن عثمان بن حُنيف رضي الله عنه.
وقال الترمذي: " حديث حسن صحيح غريب "؛ وقال الحاكم في الموضع الأول: " صحيح على شرط الشيخين "، وفي الموضع الثاني: " صحيح الإِسناد "، وفي الأخير: " صحيح على شرط البخاري "، ووافقه الذهبي فيها، وقال الطبراني بعد ذكر طرقه: " والحديث صحيح " قاله في " الصغير "، ونقله عنه المنذري في " الترغيب " (٣/ ٦٧).
وقد صححه أيضاً البيهقي وأبو عبد الله المقدسي وابن تيمية كما في " مجموع الفتاوى " (١/ ٢٦٥ وما بعدها).
(١٢٧) أخرجه مسلم (١/ ٣٥٣/ ٤٨٩) عن ربيعة بن كعب الأسلمي، قال: كنتُ أبيتُ مع رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فأتيته بِوَضُوئهِ وحاجته، فقال لي: " سَلْ ". فقلتُ: أسألك مرافقتك في الجنَّة. قال: " أوغير ذلك؛ ". قلتُ: هو ذاك. قال: " فأعني ... " فذكره.

<<  <   >  >>