للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فالشفاعة تحمل معنى الضم والإِعانة للمشفوع له، ومعنى الجاه والحرمة للشفيع عند المشفوع إليه؛ فسعيك لآخر في حاجة له عند عظيم شفاعة، وأنت شفيع، وذلك الآخر مشفوع له، وذلك العظيم مشفوع إليه، وقضاء تلك الحاجه تشفيع.

• أحوال الشفاعة:

والشفاعة لا تعدو ثلاثة أحوال: إما أن تكون من المخلوق إلى مثله، أو من الخالق إلى المخلوق، أو من المخلوق إلى الخالق.

• شفاعة المخلوق إلى مثله:

فأما شفاعة المخلوق إلى مثله، فهي مظهر من مظاهر التعاون، إذا كان المشفوع إليه يملك التصرف فيما طلب منه على مقتضى الأسباب العادية، والتعاون إذا كان على الخير مكتوب بالكتاب والسنة، والشفاعة منه ثابتة بهما:

ففي سورة النساء: {مَنْ يَشْفَعْ شَفَاعَةً حَسَنَةً يَكُنْ لَهُ نَصِيبٌ مِنْهَا وَمَنْ يَشْفَعْ شَفَاعَةً سَيِّئَةً يَكُنْ لَهُ كِفْلٌ مِنْهَا} [النساء: ٨٥].

وفي " الصحيحين " عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان إذا أتاه السائل أو صاحب الحاجة؛ قال: «اشْفَعُوا؛ فَلْتُؤْجَرُوا، وَلْيَقْضِ اللَّهُ عَلَى لِسَانِ رَسُولِهِ مَا شَاءَ» (١٤٢).

فسر الراغب في " مفرداته " الآية بقوله: " أي: من انضم إلى غيره وعاونه وصار شفعاً له أو شفيعاً في فعل الخير والشر، فعاونه، وقوَّاه، وشاركه في نفعه وضره ".


(١٤٢) أخرجه البخاري (١٠/ ٤٥١/ ٦٠٢٨)؛ ومسلم (٤/ ٢٠٢٦/ ٢٦٢٧).

<<  <   >  >>