للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

• شفاعة المخلوق إلى الخالق في الدنيا:

وأما شفاعة المخلوق إلى الخالق؛ فإما في الدنيا، وإما في الأخرى:

فالشفاعة إلى الله في الدنيا تكون بالدعاء للمشفوع له؛ كما تقدم في حديث الأعمى، أنه سأل الدعاء من النبي - صلى الله عليه وسلم -، وأنه لما دعا لنفسه، قال: اللهم! فشفعه فيَّ. فطلبُها من الحي الحاضر جائز؛ كما تقدم في القسم الثاني من أقسام الدعاء والنوع الرابع من أنواع التوسل.

وسواء دعا الشفيع للمشفوع له بأمر دنيوي أم بنفع أخروي، كان المشفوع له حيّاً أم ميتاً؛ لما في مسلم؛ أنه - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: «مَا مِنْ رَجُلٍ مُسْلِمٍ يَمُوتُ، فَيَقُومُ عَلَى جَنَازَتِهِ أَرْبَعُونَ رَجُلًا لَا يُشْرِكُونَ بِاللَّهِ شَيْئًا، إِلَّا شَفَّعَهُمُ اللَّهُ فِيهِ» (١٤٥)، ولما في " الأدب المفرد " للبخاري من دعائه - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لأنس رضي الله عنه بقوله: «اللَّهُمَّ! أَكْثِرْ مَالَهُ وَوَلَدَهُ، وَأَطِلْ حَيَاتَهُ، وَاغْفِرْ لَهُ». قال أنس: فدعا لي بثلاث، فدفنت مئة وثلاثة، وإن ثمرتي لتطعم في السنة مرتين، وطالت حياتي حتى استحييت من الناس، وأرجو المغفرة (١٤٦).


(١٤٥) أخرجه مسلم (٢/ ٦٥٥/ ٩٤٨) عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما.
(١٤٦) صحيح: أخرجه البخاري في " الأدب المفرد " (٦٥٣) عن أنس؛ قال: كان النبيّ - صلى الله عليه وسلم - يدخل علينا - أهل البيت-؛ فدخل يوماً فدعا لنا، فقالت أمّ سليم: خويدمك ألا تدعو له؟ قال: " اللهم ... " فذكره.
وسنده يحتمل التحسين: سنان- وهو ابن سعد الكندي المصري- " صدوق له أفراد "، وسعيد بن زيد- أخو حماد- " صدوقٌ له أوهام ".
لكن للحديث طرق أخرى بنحوه عن أنس في " الصحيحين " وغيرهما، يتقوى بها ويثبت إن شاء الله تعالى.

<<  <   >  >>