للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بِالنِّيَّاتِ» (٢٠٦)، وحديث مسلم عن أبي هريرة عنه - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «إِنَّ اللهَ لَا يَنْظُرُ إِلَى أَجْسَامِكُمْ وَلَا إِلَى صُوَرِكُمْ, وَلَكِنْ يَنْظُرُ إِلَى قُلُوبِكُمْ» (٢٠٧)، ومن كلام العامة: " القلب قاصد واللسان فاسد "، وتقدم القول بأن النيّة هي علة التحريم، وأن اللفظ باسم الله مع القصد إلى سواه غير رافع للحرمة.

وقد يقول الجامدون والمغرضون: إنا نحكم بالظواهر والله يتولى السرائر، وقد ظهر من حال الذابح أنه ذكر اسم الله، فلا نبحث عن نيته الباطنة!

فنقول لهم:

أولاً: إن المفتي لا يقتصر دائماً على الظواهر؛ ففي الأيمان والطلاق مسائل تنبني على النية والقصد، ويختلف حكمها باختلاف النية مع اتحاد اللفظ، بل تقدم قريباً الاستناد إلى النية في حكم الذبائح عن علي وغيره.

وثانياً: إن من السرائر ما تحف به قرائن تجعل الحكم للنية ولا تقبل معه الظواهر.

وذبائح الزردة من هذا القبيل؛ فإن كل من خالط العامة يجزم بأن قصدهم بها التقرب من صاحب المزار، ويكشف عن ذلك أشياء:

• الدلائل على كون الزردة لغير الله:

أحدها: أنهم يضيفون الزردة إلى صاحب المزار؛ فيقولون: زردة سيدي


(٢٠٦) رواه البخاري (١/ ٩/ حديث رقم: ١)، ومسلم (٣/ ١٥١٥ - ١٥١٦/ حديث رقم: ١٩٠٧) وغيرهما عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه؛ قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إِنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ، وَإِنَّمَا لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى، فَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ فَهِجْرَتُهُ إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ، وَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ إِلَى دُنْيَا يُصِيبُهَا أَوْ امْرَأَةٍ يَنْكِحُهَا فَهِجْرَتُهُ إِلَى مَا هَاجَرَ إِلَيْهِ».
(٢٠٧) رواه مسلم (٤/ ١٩٨٦ - ١٩٨٧/ ٢٥٦٤) عن أبي هريرة، وفي رواية له: «إِنَّ اللهَ لَا يَنْظُرُ إِلَى صُوَرِكُمْ وَأَمْوَالِكُمْ، وَلَكِنْ يَنْظُرُ إِلَى قُلُوبِكُمْ وَأَعْمَالِكُمْ».

<<  <   >  >>