للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

حتى أقاموني بحيث يسمع كلامي، فقال لي: أنت عبد الرحمن بن عمرو الأوزاعي؛ قلت: نعم؛ أصلح الله الأمير. قال: ما تقول في دماء بني أمية؛ قلت: قد كان بينك وبينهم عهود، وكان ينبغي أن يفوا بها. قال: ويحك! اجعلني وإياهم لا عهد بيننا. فأجهشت نفسي، وكرهت القتل، فذكرت مقامي بين يدي الله، فلفظتها، فقلت: دماؤهم عليك حرام. فغضب، وانتفخت أوداجه، واحمرت عيناه، فقال لي: ويحك! ولم؟ قلت: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «لَا يَحِلُّ دَمُ امْرِئٍ مُسْلِمٍ إِلَّا بِإِحْدَى ثَلَاثٍ: ثَيِّبٌ زَانٍ، وَنَفْسٌ بِنَفْسٍ، وَتَارِكٌ لِدِينِهِ» (٢٤٦). قال: ويحك! أوليس الأمر لنا ديانة؟ قلت: كيف ذاك؟ قال: أليس كان رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أوصى لعلي؟ قلت: لو أوصى إليه، لما حكم الحكمين. فسكت وقد اجتمع غضباً، فجعلت أتوقع رأسي يسقط بين يدي، فقال بيده هكذا (أومى أن أخرجوه). فخرجت، فما أبعدت؛ حتى لحقني فارس، فنزلت، وقلت وقد بعث ليأخذ رأسي: أصلي ركعتين. فكبرت، فجاء وأنا أصلي، فسلم وقال: إن الأمير بعث إليك هذه الدنانير. قال: ففرقتها قبل أن أدخل بيتي ". عن " تذكرة الحفاظ " (١/ ١٧١).


(٢٤٦) صحيح: روي من حديث ابن مسعود وعائشة وعثمان رضي الله عنهم.
١ - أما حديث ابن مسعود، فأخرجه البخاري (١٢/ ٢٠١/ ٦٨٧٨)، ومسلم (٣/ ١٣٠٢ - ١٣٠٣/ ١٦٧٦) وغيرهما.
٢ - وأمّا حديث عائشة، فأخرجه مسلم (١٦٧٦)، وأبو داود (٢/ ٢١٩)، والنسائي (٧/ ٩١ و ١٠١ - ١٠٢).
٣ - وأمّا حديث عثمان؛ فأخرجه أبو داود (٤٥٠٢)، والترمذي (٦/ ٣٧٢ - ٣٧٣/ ٢٢٤٧)، وقال: " حديث حسن "، والنسائي (٧/ ٩١ - ٩٢ و١٠٣ و١٠٤)، وابن ماجه (٢٥٣٣) وغيرهم.

<<  <   >  >>