للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

رجل جليد في العين، شديد اللسان، فقال: يا أبا عبد الرحمن! نفر ستة كلهم قد قرأ القرآن فأسرع فيه، وكلهم مجتهد لا يألو، وكلهم بغيض إليه أن يأتي دناءة إلا الخير، وهم في ذلك يشهد بعضهم على بعض بالشرك. فقال رجل من القوم: وأي دناءة تريد أكثر من أن يشهد بعضهم على بعض بالشرك؟! فقال الرجل: إني لست إياك أسأل، وإنما أسأل الشيخ. فأعاد على عبد الله الحديث؟ فقال عبد الله: لعلك ترى لا أبا لك أني سآمرك بأن تذهب فتقتلهم؛ عظهم، وانههم، وإن عصوك؛ فعليك بنفسك؛ فإن الله عز وجل يقول: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ ... } (٧) الآية [المائدة: ١٠٥]. نقله الحافظ ابن كثير في " تفسيره " عن ابن جرير (٣/ ٢٥٩)، ونحوه في " الدر المنثور " للسيوطي عن ابن مردويه (٢/ ٣٤١).

• عدم تسارع المجددين إلى التكفير:

فنحن بالعقيدة السلفية قائلون، ولما مات عليه الأشعري موافقون، وعلى ضابط السبكي ناهجون، وبفتوى الشيخ أبي عبد الرحمن عبد الله بن عمر مقتدون، ما نحن إلا وعاظ مرشدون، ولم ندع أننا حكام منفذون، ومعاملتنا للناس ترفع كل التباس؛ فتجدنا نصلي خلف من يتقدم للإِمامة، ونسلم على من لقينا، وندفن في المقابر العامة؛ من غير منع لأي مسلم منها، ونشتري اللحم مِمَّنْ يشهد الشهادتين، كل ذلك من غير بحث عن كونه من المسترشدين بإرشادنا أم من الخصوم الطاعنين علينا، ما لم تتبين لنا مشاقته لما جاء به الرسول


(٧) صحيح الإِسناد: أخرجه ابن جرير الطبري في " تفسيره " (٧/ ٩٥)، قال: حدثنا محمد بن بشار؛ قال: ثنا محمد بن جعفر وأبو عاصم؛ قالا: ثنا عوف عن سوار بن شبيب به.
وهذا إسناد صحيح رجاله ثقات مترجمون في " التقريب " غير سوار، فقد وثقه ابن معين كما في " الجرح والتعديل " (٤/ ٢٧٠) لابن أبي حاتم، والله أعلم.

<<  <   >  >>