للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الرَّحِيمِ * كِتَابٌ فُصِّلَتْ آيَاتُهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ * بَشِيرًا وَنَذِيرًا فَأَعْرَضَ أَكْثَرُهُمْ فَهُمْ لَا يَسْمَعُونَ * وَقَالُوا قُلُوبُنَا فِي أَكِنَّةٍ مِمَّا تَدْعُونَا إِلَيْهِ ... } [فصلت: ١ - ٥]». ثم مضى رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فيها يقرؤها عليه، فلما سمعها منه عتبة؛ أنصت لها، وألقى يديه خلف ظهره معتمداً عليهما يسمع منه، ثم انتهى رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلى السجدة منها، فسجد، ثم قال: «قد سمعت يا أبا الوليد ما سمعت؛ فأنت وذاك» (١) (١/ ١٨٥).

• من يوصف بالشرك:

فهذه القصة تريك مبلغ احترام كبراء قريش للنبي، واستعدادهم لقبول رئاسته في الدنيا، وهو في بداية أمره بمكة، قبل أن يفشو فيها الإِسلام؛ فليس امتناعهم من التشهد كراهية لرفعته عليهم، ولكن محافظة على ما ألفوا عليه آباءهم مما يعلمون جدّاً منافاته لمقتضى التشهد.

فوصف الشرك يلحق من أخذ بحظ من عقائد وعوائد سمَّى الإسلامُ أهلها من أجلها مشركين، ولا يغني مع ذلك تلفظه بالشهادتين.

• علة الجمع بين لفظ الشهادتين ومعنى الشرك:

وكثير من علمائنا اليوم- بله عوامنا- لم يفقهوا من العربية ما كان يفقهه أولئك الذين كانت اللغة لغتهم والأسلوب أسلوبهم، ولهذا؛ لم يقتلع التلفظ بالشهادتين من قلوبهم عقائد الشرك، ولا حال دون نفوذه إليها؛ فتجد أحدهم


(١) قوي: " أخرجه ابن إسحاق في " المغازي " (١/ ١٨٥ - من سيرة ابن هشام) بسند حسن عن محمد ابن كعب القرظي مرسلًا، ووصله عبد بن حميد وأبو يعلى والبغوي من طريق أخرى من حديث جابر رضي الله عنه، كما في " تفسير ابن كثير " (٦/ ١٥٩ - ١٦١) وسنده حسن إن شاء الله "، كذا في " تخريج فقه السيرة " [ص:١١٣] للألباني.

<<  <   >  >>