للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فيما أنزل القرآن." (١) ومنه دعاء الرسول - صلى الله عليه وسلم - لابن عباس "اللهم علمه الكتاب" (٢) أو "اللهم فقهه في الدين وعلمه التأويل" (٣)، ويظهر فيه هذا المعنى للعلم بالكتاب أو التأويل، أي التوسع في فقه القرآن، والقدرة على فهم المقاصد المتعددة في ظاهر الآيات، ليبيّن للناس منهج القرآن بما أُنزل لأجله. ويبينه أيضاً ما روي عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه في تقديمه لابن عباس، وتعجب الصحابة من تقديمه وهو صغير السن، فسأل الحاضرين قبل سؤال ابن عباس عن سورة الفتح {إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ} فما قال فيها أحد إلا ما دل عليه الظاهر وهو الحق، وقال ابن عباس: "هو أجل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أعلمه الله له، قال عمر ما أعلم منها إلا ما تعلم." (٤) أما الذين أسلموا في العهد المدني ولم يعلموا بتفصيل التنزيل، وأخذوا العلم عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه، فقد احتاجوا لمعرفة الوقائع وما تدل عليه الآيات ببيانها على الوجه الأمثل، ليتم العلم بها ومن ثم


(١) أسباب النزول للواحدي، المقدمة ص٩
(٢) رواه الإمام أحمد (٣٥٩/ ١) والبخاري (٢٦/ ١)، وفي رواية عند البخاري (٢٧/ ٥) والترمذي (٦٨٠/ ٥) والنسائي في الكبرى (٥٢/ ٢) وابن حبان (٥٣٠/ ١٥) "اللهم علمه الحكمة" وعند ابن ماجه (١١٤/ ١) "اللهم علمه الحكمة وتأويل الكتاب."
(٣) رواه الإمام أحمد (٢٦٦/ ١) وابن أبي شيبة (٥٢٠/ ٧) وابن راهويه في مسنده (٢٣٠/ ٤) والبيهقي في الدلائل (١٩٣/ ٦) وابن حبان (٥٣١/ ١٥) والطبراني في المعجم الصغير (٣٢٧/ ١) والأوسط (١١٢/ ٢) والكبير (٢٦٣/ ١٠) والحارث في مسنده (ص٣٠١) وابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني (٢٨٧/ ١) والبزار (٢٨٢/ ١١) والحاكم في المستدرك (٦١٥/ ٣) وصححه ووافقه الذهبي، وصححه الألباني في الصحيحة (رقم ٢٥٨٩)، وقال الطبري في تهذيب الآثار (١٨٢/ ١) عند بيان ما في هذه الأخبار من تشابه: وقد تأولت جماعة من أهل التأويل من الصحابة رضوان الله عليهم والتابعين الحكمة في قول الله تعالى ذكره: {يُؤْتِي الْحِكْمَةَ مَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا} أنها القرآن، وتأولت الحكمة في قوله تعالى: {وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ} أنها السنن التي سنها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بوحي من الله جل ثناؤه إليه، وكلا التأويلين في موضعه صحيح، وذلك أن القرآن حكمة.
(٤) رواه الإمام أحمد (٣٣٧/ ١) والبخاري (١٤٩/ ٥) والنسائي في الكبرى (٢٥١/ ٤) والوفاة (ص١٨) والترمذي (٤٥٠/ ٥) والبيهقي في الدلائل (١٦٧/ ٧) وأبو نعيم في الحلية (٣١٧/ ١) وابن جرير (٦٦٩/ ٢٤) والبزار (٢٩٦/ ١) والطبراني في المعجم الكبير (٢٦٤/ ١٠) والحاكم في المستدرك (٦٢٠/ ٣) والخطيب في الجامع (٣١١/ ١) والرامهرمزي في المحدث الفاصل (رقم ١٢٣) واللفظ للبخاري.

<<  <   >  >>